للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الليث بن سعد: قال ابنُ شهاب: ما استودعتُ قلبي شيئًا فنسيتُه (١).

[وحكى أبو نُعيم عنه أنَّه قال: إنَّ هذا العلم إنْ أخَذْتَه بالمكابرة (٢)؛ غلبَكَ؛ ولم تظفر منه بشيء، ولكن خُدهُ مع الليالي والأيام تَظْفَرْ به].

وقال الزُّهْري: جالستُ سعيد بن المسيّب عشرين سنة (٣)؛ ركبتي مع ركبتِه، فكانت كيوم واحد.

وقال ابن أبي ذئب: كان الزُّهْريُّ قد ركبه دين وضاقَتْ حالُه، فوفد [إلى] الشَّام يريد (٤) عبدَ الملك، فجالس قَبِيصة بنَ ذُؤيب.

قال الزُّهْرِيّ: فبينا نحن ذات ليلة نَسْمُرُ عنده؛ إذْ جاءه رسولُ عبد الملك، فقال: أجِبْ أميرَ المُؤْمنين. فقام معه، ثم عاد إلينا، فقال: أيُّكم يحفظُ قضاء عمر في أمَّهات الأولاد؟ فقلت: أنا. فقال: قُمْ. فأدخَلَني على عبد الملك، وإذا به جالسٌ على نُمْرُقَة، وبيدِهِ مِخْصَرَةٌ (٥)، وعليه غِلالة (٦)، وهو ملتحفٌ بِسَبَنِيَّة (٧)، وبين يديه شمعة، فسلَّمتُ عليه، فقال: مَنْ أَنْتَ؟ فانتسبتُ له، فقال: إنْ كان أبوك لَنعَّارًا في الفتن (٨). فقلت: عفا اللهُ عمَّا سلف. فقال: اجلس. فجلست. فقال: أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم. فقال: اقرأ من سورة كذا وكذا. فقرأتُ. فقال: أتفرض؟ قلت: نعم. فقال: ما تقول في امرأة


(١) المعرفة والتاريخ ١/ ٦٣٥، وتاريخ دمشق ٦٤/ ٤٠٢. ومن قوله: وكان أبوه مسلم مع عبد الله بن الزُّبير … إلى هذا الموضع بلفظه من (ص)، ووقع في النسخ الأخرى مختصرًا ودون نسبة الأقوال إلى قائليها.
(٢) كذا في (ص) (والكلام منها)، وهو ما بين حاصرتين، و"صفة الصفوة" ٢/ ١٣٨ وفي "حلية الأولياء" ٣/ ٣٦٤: بالمكاثرة.
(٣) كذا في النسخ الأربعة. وفي "طبقات" ابن سعد ٧/ ٤٣٣، و"تاريخ دمشق" ٦٤/ ٣٩٢: عشر سنين. وفي رواية في "تاريخ دمشق": ثمان سنين.
(٤) في "تاريخ دمشق" ٦٤/ ٣٧٣: زمان، بدل: يريد. ولفظة "إلى" السالفة بين حاصرتين منه. وهذا الخبر لم يرد في (ص)
(٥) النُّمْرُقة: الوسادة الصغيرة، والمِخْصَرَة: ما يأخذه الملك يُشير به إذا خاطبَ، والخطيب إذا خطب.
(٦) الغِلَالة: الشِّعار (الذي يلي الجسد من الثياب).
(٧) السَّبنِيَّة: نوع من الثياب منسوب إلى سَبَن؛ بلدة ببغداد.
(٨) أي: ساعيًا فيها.