للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و [قال الأبرش:] كان هشام يقول: أكلتُ الحُلو والحامض حتَّى لم أجد لواحدٍ منهما طعمًا، وشممتُ ألوانَ الطِّيب حتَّى ما أجدُ له رائحةً، وأتيتُ النساء حتَّى ما أُبالي أتيتُ امرأةً أو حائطًا. وعدَّدَ ما نال من اللذَّات في الدنيا، ثم قال: وما رأيتُ (١) ألذَّ من جليس تسقطُ بيني وبينه مؤونةُ التحفُّظ (٢).

وقال الأبرش: ما كان يدخلُ بيتَ مالِ هشام درهمٌ حتَّى يُشْهِدَ على العامل أربعين عَدْلًا، ويستحلفَه أربعين يمينًا أنَّه أخذ هذا المال من وجهه، وأنه (٣) صرف كل حقٍّ إلى مستحقِّه (٤).

و [قال الأبرش:] شتم هشامٌ رجلًا من الأشراف، فقال له: أما تستحي تشتِمُني وأنت خليفة الله في أرضه؟! فاستحيا هشام منه وقال: اقتصَّ. فقال: أكون إذن سفيهًا. قال: فخُذْ من المال ما شئت، قال: ما كنتُ لأبيعَ عِرْضي بعَرَض الدنيا. قال: فهَبْهَا لي. قال: أمَّا هذه فنعم. قال: فنكَّسَ هشام رأسَه وقال: واللهِ لا أعودُ لمثلها أبدًا (٥).

[وقال المدائني: كان هشام يذكر في خطبته يوم العيدين: الحمد لله الذي ما شاء صنع، وما شاء أعطى وما شاء منع، ومن شاء خفض ومن شاء رفع، ومن شاء ضرَّ ومن شاء نفع (٦).

وقال المدائنيّ:] وجرى بين مسلمة وأخيه هشام منافرة، فقال له مسلمة: كيف تطمع في الخلافة وأنت جبانٌ بخيل؟! فقال [هشام]: إلَّا أني عفيف حليم (٧).


(١) في (ص): وما وجدتُ شيئًا.
(٢) العقد الفريد ٦/ ٣٧٩ - ٣٨٠.
(٣) في (ص): وأن ذلك العامل، بدل: وأنه.
(٤) بنحوه في "مختصر تاريخ دمشق" ٢٧/ ٩٩.
(٥) بنحوه في "الكامل" ٥/ ٢٦٣ - ٢٦٤، و"مختصر تاريخ دمشق" ٢٧/ ٩٩ (ووقعت الترجمة ضمن خرم في "تاريخ دمشق")، و"البداية والنهاية" ١٣/ ١٥٢ - ١٥٣.
(٦) أنساب الأشراف ٧/ ٣١٩. وهذا الكلام بين حاصرتين من (ص).
(٧) المصدر السابق ٧/ ٣٢٠، وبنحوه في "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٠٥.