للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلانًا اشتراني، فبتُّ عنده ليلة فألمَّ بي، ولا يحلُّ لك مَسِّي. [قال:] فحظيت عنده، ولم يعرض لها، وولَّاها أمره (١).

وقال لمؤدِّب أولاده: إذا سمعتَ من أحدٍ منهم كلمةً عوراء في مجلسِ جماعةٍ؛ فلا تُؤنِّبه، فتُخجله، وعسى أن يُبصر خطأه، فيكون بصره للخطأ أعظمَ من ابتدائه به، ولكن احفظها عليه، فإذا خَلَوْتَ به فرُدَّه عنها (٢).

ودخل الأبرش الكلبيُّ -واسمُه سعيد بن الوليد بن عبد عَمرو- على هشام، فسأله حاجة، فامتنع منها، فقال الأبرش: قد وعدتُ بها رجلًا، فلا بدَّ منها. فقال هشام: فذاك أبعدُ لك أن تعدَ بما ليس إليك. قال: فإنَّه مستحقٌّ. فقال هشام: فالكثيرُ من يرى أنَّه مستحقٌّ أمرًا ليس له بأهل.

قال الأبرش: فقلت: أفٍّ لك، [إنك] واللهِ ما علمتُ قليلُ الخيرِ نَكِدًا، واللهِ ما نُصيبُ الشيء منك إلَّا بعد مسألة، فإذا أصبناه منك؛ مَنَنْتَ به، فقال: لا واللهِ، ولكن وجَدْنا الأعرابيَّ أقلَّ شكرًا. فقلت: واللهِ إنِّي لأكرهُ الرجلَ يُحصي ما يُعطي.

ودخل أخوه سعيد بن عبد الملك ونحن في ذلك، فقال: يَا أَبا مجاشع، أتقول هذا لأمير المُؤْمنين؟! قلت: نعم، صحبتُ هذا وهو - واللهِ - أرذلُ بني أميَّة، وأنا يومئذ سيِّدُ قومي، وأكثرُهم مالًا، وأوجهُهُم جاهًا، [أُدْعَى] إلى الأمور العظام من قِبل الخلفاء، وما يطمع هذا فيما صار إليه، حتَّى إذا صار إلى البحر الأخضر؛ غرفَ لنا منه غَرْفَةً. فقال هشام: صدقتَ يَا أبرش، اغْفِرْها لي، فواللهِ لا أعودُ إلى شيءٍ تكره أبدًا.

[قال:] فما زال مكرمًا لي حتَّى مات (٣).

وكان بين مسلمة وهشام ابني عبد الملك تباعدٌ، وكان الأبرش يدخلُ عليهما، وكان أحسنَ النَّاس حديثًا وعقلًا، فقال له هشام: كيف تكون خاصًّا بي وأنت تتردَّد إلى مسلمة وقد علمتَ ما بينَنا، فقال الأبرش: أنا كما قال الشَّاعر:


(١) المنتظم ٧/ ٩٨. وما سلف بين حاصرتين منه.
(٢) لم أقف عليه. ولم يرد هذا القول في (ص).
(٣) مختصر تاريخ دمشق ٤/ ١٨٩. وما سلف بين حاصرتين منه. ولم يرد هذا الخبر في (ص).