للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عائذٌ بالله وبالأمير. قال: من أنت؟ قال: حفص الأُموي. قال: ألستَ الهجَّاء لبني هاشم؟! [قال:] فأنا الذي أقول:

وكانَتْ أميةُ في ملكها … تجورُ وتُكثرُ عُدْوانَها

فلمَّا رأى اللهُ أنْ قد طغَتْ … ولم يُطِقِ النَّاسُ طغيانَها

رماها بسفَّاحِ آل الرسولِ … فجدَّ بكفَّيه أعيانَها

ولو آمنَتْ قبلَ وقعِ العذابِ … لقد قَبِلَ اللهُ إيمانَها

فقال له عبد الله: اقعُدْ. فقعدَ بين يديه، وتغدَّى معه، فسارَّ عبد الله خادمًا له، ففزع حفص وقال: أيها الأمير، إنِّي قد تَحرَّمْتُ بطعامك، وفي أقلَّ من هذا كانت العربُ تُجير في الدِّماء، فقال: لا بأس عليك. وجاء الخادمُ ومعه خمسُ مئة دينار، فقال له: خُذْها وأصلح ما شَعَّثْتَ منَّا.

وكان هشام جالسًا يومًا وعنده الأبرش [الكلبي] إذ طلعت جارية، فقال الأبرش؛ مازحَها فقال: هَبي لي حُلِيَّكِ، فقالت: لأنتَ أطمعُ من أَشْعَب. فقال هشام. مَنْ أَشْعَب؟ قالت: مِضْحاكٌ بالمدينة. وذكرتْ طرفًا من حكاياته، فقال هشام: اكتُبوا إلى عامل المدينة ليُحمل إلينا. ثم استدرك، فأطرقَ رأسه ساعةً (١) ورفع رأسه فقال: يَا أبرش، نكتبُ إلي عامل مدينةِ رسول الله ، فيحمل إلينا مضحاكًا! لا ها اللهِ ذا. ثم تمثَّل بهذا البيت:

إذا أنتَ طاوَعْتَ الهَوى قادَك الهَوَى … إلى بعض ما للنفسِ فيه مقالُ (٢)

وقال سليمان بنُ مجالد أخو أبي جعفر المنصور من الرَّضاعة: قدمنا الرُّصافةَ على هشام وأبو جعفر على حمار، وإنا أسوقه، فنرلنا على مَسْلَمةَ بنِ عبد الملك ليأخذ


(١) في (ب) و (ص). فأطرق ساعة.
(٢) أنساب الأشراف ٧/ ٣١٧، ومروج الذهب، ومختصر تاريخ دمشق ٢٧/ ١٠١. واختلف سياق الخبر في (ص) عن باقي النسخ، فجاء فيها قوله: وقال هشام بن محمَّد: كان هشام بن عبد الملك ينشد دائمًا:
إذا أَنْتَ طاوعت … البيت
قال: وسببُه أنَّه كان جالسًا يومًا وعنده الأبر الكلبي إذا طلعت جارية .. إلخ.