وعلى الله تمام كرامته. وقال الرابع: هذا الذي سار إلى مشارق الأرض ومغاربها يقتل الرِّجال مخافة الموت ولو تركهم لماتوا. وقال الخامس: هذا الذي كان يخبأ الذَّهب فالذهب اليوم يخبأه. وقال السادس: ويل لأهل العافية في هذه الدَّار إن كان حظهم منها إلى غير العافية. وقال السابع: لا تكثروا التلاوُمَ بينكم واستمسكوا بالتوبة فكلكم خاطئ. وقال الثامن: من كان يعمل اليوم بالخطيئة فإنَّه غدًا عبد الخطيئة. وقال التاسع: لا تعجبوا ممَّا تفعلون ولكن اعجبوا ممَّا يُفعل بكم (١).
قال ابن أبي الدنيا: وزاد غير زهير بن عباد: وقال آخر: عجبت من سالِك هذا السبيل كيف تَشرَهُ نفسه إلى جمع الحطام الهامد والهشيم البائد، الخاذل مُقتنيه عند الحاجة إليه. وقال آخر: اقبلوا هذه المواعظ وأكثروا ذِكرَ هذا السبيل الذي أنتم سالكوه. وقال آخر: هذا ذو الأسارى قد أصبح أسيرًا. وقال آخر: كان الإسكندر كحُلم نائمٍ انقضَى أو كظِلِّ غَمامةٍ انجلى. وقال آخر: لئن كنت أمس لا يأمنك أحد لقد أصبحت اليوم لا يخافُكَ أحد. وقال آخر: هذه الدُّنيا الطويلة العريضة طويت في ذراعين. وقال آخر: لئن كنت وردتَ علينا قويًّا ناطقًا لقد صَدَرتَ عنَّا ضعيفًا صامتًا. وقال آخر: ما سافر الإسكندر قبل هذه السفرة بلا زاد ولا أعوان. وقال آخر: كلنا غافل عما غفل عنه الإسكندر حتى نلاقي مثل ما لاقى. وقال آخر: إن من العجب أنَّ القوي قد غُلِبَ، وأنَّ الضعفاء لاهون مغترون. وقال آخر: إن بارق هذا الموتِ لبارقٌ ما يخلف، وإن مخيلته لا تخلف. وقال آخر: انطوت عن الإسكندر آماله التي كانت تغرُّهُ ونزل به أجله الحائل بينه وبين أمله. وقال آخر: يا ويحَ الموت الذي لا يُشتهى ما أقهَرَهُ للحياة التي لا تُمَلُّ، ويا ويحَ الحياة التي لا تُمَلُّ ما أذلَّها للموت الذي لا يُحَب. وقال آخر: قد كان صوتك مرهوبًا وملكك عاليًا، فأصبح الصوتُ قد خَفَتَ وانقطعَ، والمُلك قد اتضع. وقال آخر: لقد انتقصك في وجهك من لم يتجاسرْ أنَّه يغتابك من خلفك.
قلت: وقد جاء عن الإسكندر الثَّاني من هذا الجنس، وسنذكره في سيرته، إن شاء الله تعالى.