للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأراد خالد قَطْعَ يده، فكتب إليه أخوه بالأبيات، فأحضرَ الجاريةَ، وأمر بتزويجها منه، فامتنع [أبوها] وقال: ليس لها بكُفْؤ. فقال له خالد: وكيف لا يكون لها كُفْؤًا وقد بذلَ يدَه دونَها؟! واللهِ لئن لم تُزوِّجْهُ؛ لأُزوِّجَنَّه وأنت كاره. فزوَّجَه إياها أبوها، وساقَ خالد المَهْرَ من عنده عشرة آلاف درهم.

وزاد فيها بيتًا آخر (١) فقال:

ومثلُ الذي في قلبه حَلَّ (٢) قلبَها … فكُنْ أنتَ تَجْلُو الهَمَّ (٣) عن قلبِ عاشقِ]

وكان خالدٌ يقول: مَنْ أصابَه غُبار موكبي فقد وجبَ حقُّه عليَّ (٤).

ذكر قتلِ خالد الجَعْدَ بنَ درهم:

وكان يقول بخلق القرآن، ولمَّا أظهر هذه المقالةَ طلبَه بنو أميَّة، فهرب إلى الكوفة، فأقام بها، وبلغَ خالدًا خبرُه، فأرسلَ مَنْ أوثقَه وحبسَه.

فلما كان يوم عيد الأضحى؛ أحضرَه إلى تحت المنبر، وخطب وقال: أيُّها الناس، إنَّ الأُضْحية سنَّةُ نبيكم، وهذا الجَعْد يقول: إن الله ما كلَّم موسى تكليمًا، وإنَّما كلَّمَتْه الشجرة، ولا اتخذَ اللهُ إبراهيم خليلًا، فانْصَرِفُوا وضَحُّوا، فإني مُضَحٍّ بالجعد. ثم نزل فذبَحَه.

والجَعْدُ أوَّلُ من قال بخلق القرآن. وقيل: إنَّما أخذَ هذه المقالةَ من أبان بن سمعان، وأبان أخَذَها عن طالوت ابن أخت لَبِيد بن الأعصم اليهودي الذي سحرَ رسولَ الله ، وكان زِنْدِيقًا (٥).

ومن الجَعْد تعلَّم جَهْمُ بنُ صفوان الذي يُنسب إليه الجَهْميَّة، ثم سافر جَهْمُ بنُ صفوان إلى خُراسان، ونزل التِّرمِذ وأظهرها، فقتله سَلْم بنُ أَحْوَز بمَرْو، لأنَّ جَهْمًا كان صاحبَ جيش الحارث بن سُرَيج.


(١) البيت في "الفرج بعد الشدة" ولم يرد في "نشوار المحاضرة".
(٢) في (ص): مثل، والمثبت من "الفرج بعد الشدة".
(٣) في "الفرج بعد الشدة": فُمنَّ لتجلو الهمَّ. وذكر محقِّقُه في حاشيته رواية البيت أعلاه من بعض نسخه، وهذا الخبر بتمامه من (ص) وهو بين حاصرتين.
(٤) لم أقف على هذا القول.
(٥) وأخذها طالوت من لَبِيد اليهودي، ينظر "الكامل" ٧/ ٧٥ (أحداث سنة ٢٤٠) و"مختصر تاريخ دمشق" ٦/ ٥١.