للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فدَعَوْا بنار ليُحرقوه، فلم يُؤْتَوْا بها، حتى قيل: قد داخلت خيلُ مروان دمشق، فهربَ إبراهيم، ونهبَ سليمانُ بيتَ المال، وقسَّمه في الجُند، وخرج هاربًا (١).

وثارَ مَن بدمشق من موالي الوليد بن يزيد إلى دار عبد العزيز بن الحجَّاج، فنهبوها -وقيل: إنهم قتلُوه بها- ونبشُوا [قبر] يزيد بن الوليد، وصلبُوه على باب الجابية (٢).

ودخل مروان دمشقَ، وجيء بالغلامَين مقتولَين مشدوخَين، فأمر بدفنهما، وأُتيَ بالسُّفياني يَرْسُفُ في قيوده، فسلَّم على مروان بإمرة المؤمنين -وهو يومئذ يُسَلَّم عليه بالإمرة- فقال له: مَهْ، ما هذا؟ قال: إن الحَكَم وعثمان جعلاها لك بعدَهما، وأنشدَه شعرًا قاله الحَكَم في السجن، وهو:

ألا مَن مُبْلِغٌ مروانَ عنِّي … وعَمِّي الغَمْرَ طال بِذا حَنِينا

بأنّي قد ظُلِمْتُ وصارَ قومي … على قَتْلِ الوليدِ مُشايعينا

أيذهب كلُّهم بدمي ومالي … فلا غَثًا أُصِيبُ (٣) ولاسَمِينا

ومروانٌ بأرضِ بني نِزارٍ … كليثِ الغابِ مفترشٌ عَرِينا

ألا يَحْزُنْك قتلُ فتى قريشٍ … وشَقُّهُمُ عِصِيَّ المسلمينا

ألا واقْرَ السلامَ على قُريشٍ … وسكانِ الجزيرةِ أجمعينا

وسارَ (٤) الناقصُ القَدَريُّ فينا … وألقَى الحَرْبَ بين بني أبينا

أتُنْكَثُ بَيعَتي من أجلِ أُمِّي … فَقْد بايَعْتُمُ قَبْلي هَجِينا

ولو شَهِدَ الفوارسُ من سُلَيمٍ … وكعبٍ لم أكُنْ لهُمُ رَهِينا

فليتَ خَؤُولتي في غير كلبٍ … وكانت في ولادتهم حزينا (٥)


(١) تاريخ الطبري ٧/ ٣٠٢. ومن قوله: يطلبُ ثأر الوليد بن يزيد (أوّل أحداث هذه السنة) … إلى هذا الموضع، ليس في (ص).
(٢) تاريخ الطبري ٧/ ٣١١ وما سلف بين حاصرتين منه. ولفظ (ص): "وثار من دمشق من موالي الوليد بن يزيد إلى دار عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك، فنهبوها، ونبشوا يزيد بن الوليد، وقيل: إنهم قتلوا عبد العزيز بها وصلبوه على باب الجابية".
(٣) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣١١، و"الكامل" ٥/ ٣٢٣: أصبتُ.
(٤) في "تاريخ" الطبري: وساد.
(٥) في المصدر السابق: وكانت في ولادة آخرينا.