للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبينما هم على ذلك قدمَ ابنُ هُبيرة العراق، وكتبَ إلى نصر بنِ سيَّار بعهده على خُراسان، فقال الحارث: إنَّما أمَّنَني يزيد [بن الوليد] ومروان لا يُجيز أمانَه، ولا آمَنُهُ على نفسي. ودعا إلى نفسه، ونال من مروان، فأتاه سَلْمُ بنُ أَحْوزَ، وحمَّاد بنُ عامر، وقَطَن بن محمد، ووجوه القُوَّاد وقالوا: نُذَكِّرُك اللهَ أن تُفَرِّقَ جماعتَنا وقد أمَّنَك نصر، واجتمعَتْ كلمتُنا بك، فلا تُفَرِّقْها. فلم يلتفت، وخرجَ فعسكر بظاهر مَرْو، وأرسل إلى نصر: اجْعَلِ الأمرَ شُورى. فأبى نصر.

وكان جَهْمُ بنُ صفوان مولى بني راسب صاحبُ المقالة الذي ينسب إليه الجَبْر كاتِبَ الحارثِ وصاحِبَ عسكرِه ومتولِّي أمرِه، فأمره الحارث أن يكتبَ كتابًا فيه سيرةُ الحارث، فكتبَه، وقرأه على الناس، ومشى بينهما السُّفراء، وأن يكون بينهما رجالٌ يعملون بكتاب الله وسنَّة رسوله، فاختارَ نصرٌ مقاتل بنَ سُليمان، ومُقاتلَ بنَ حَيَّان، واختار الحارث المغيرةَ بنَ شعبة الجهضمي ومعاذ بن جَبَلة.

وقال الحارث [لنصر] (١): اعْزِلْ سَلْمَ بنَ أحْوَز عن شُرطتك، واستعمل بِشْرَ بنَ بِسطام البُرْجُميّ. فعزلَه.

وأمر نصرٌ كاتبَه أن يكتبَ ما يرضَوْن به من السُّنن (٢) والسير، ومَنْ يختارون من العمال فيولِّيهم الثَّغْرَين: سَمَرْقَنْد وطَخَارستان.

وكان الحارثُ يقول: إنه صاحبُ الرَّايات السُّود، وإنه يهدمُ سُورَ دمشق، ويزيل مُلْكَ بني أميَّة. وبلغ نصرًا، فأرسل إليه يقول: قد بلغَني عنك كذا وكذا، فخُذْ منّي خمسَ مئة رأس، ومئتي بعير، واحْمِلْ من الأموال ما شئت، ومن آلة الحرب، وسِرْ. ولَعَمْري لئن كنتَ صاحبَ ذاك إني لفي يدك، وإن كنتَ لستَ ذاك؛ فقد أهلكتَ عشيرتَك.


(١) ما بين حاصرتين من "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٣٠. وينظر سياق الكلام وترتيب أحداثه فيه فهو أحسن.
(٢) في (خ) و (د) (والكلام منهما): الصور، والمثبت من المصدر السابق.