للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُخرجَ نصرًا منها، فقال لأصحابه: ما نجعلُ شعارنا؟ فقال له مقاتل بن سليمان: إن شعار رسول الله : "حم، لا ينصرون" (١). فجعلوه شعارهم والتقَوْا، فهجمَ بعضُهم المدينة، وحملَ رجل على جَهْم فطعنه في فيه، فقتلَه، عاقَبَهُ اللهُ حيث أقدم على كتابه أنَّه مخلوق (٢)، وجاؤوا إلى منزل سَلْم، فنهبوه فنادى سَلْم: مَنْ جاء برأسٍ فله ثلاثُ مئة.

وقيل: إنَّما أُسِرَ جَهْمٌ، فأخذ يخدعُ سَلمًا، فقال له سَلْم: لو ملأتَ لي هذه المَلَاةَ (٣) كواكبَ، وأنزلْتَ (٤) عيسى بن مريم من السماء؛ ما نجوتَ، ولو كنتَ في بطني لشَقَقْتُ بطني حتى أقتلَك، واللهِ لا تقومُ مع اليمانيَّة أكثر ممَّا قمتَ. ثم ضرب عنقه. وكُنية جَهْم أبو مُحْرِز.

وانهزمَ الحارثُ، وكان الكِرْمانيُّ قد انضمَّ إليه في قتال نصر، فشجّع الحارث وقال له: قف فعاد وقاتلَ الكِرْمانيُّ قتالًا شديدًا، وقتَلَ من أصحاب نصر جماعةً.

وهَزَمَت اليمانيَّةُ مُضَرَ، واليمانيَّةُ مع الحارث والكِرْمانيّ، فبعث الحارثُ إلى نَصْر يقول: إن اليمانيَّةَ يُعَيِّروني بانهزامكم وأنا كافٌّ عنكم، فاجعل حُماةَ أصحابِك بإزاء الكِرْمانيّ، ففعل. ثم ظهر الكِرْمانيُّ على مَرْو، وخرج نَصْرٌ منها في حُماةِ أصحابه، وقال نَصْر لنسائه: سيخلُفُني فيكنَّ الحارثُ بنُ سُرَيج ويحميكنَّ. ثم سار حتى نزلَ نيسابور، فتلَقَّوْه بالهدايا والتُّحف (٥).

ولما سار نَصْر من مَرْو؛ غَلَبَ عليها الكِرْمانيُّ والحارثُ، فهدم الكِرْمانيُّ دُورَ بعضِ أصحاب نَصْر، وأفسدَ أصحابُه فيها، فقال الكِرْمَانيُّ: إنما أُريدُ كتابَ الله. فقال له


(١) كذا وقع هنا. وإنما هذا شعار نصر بن سيَّار، اقترحه عليه مقاتل بن سليمان. ينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٣٢.
(٢) كذا قال المصنف -وبنحوه في "البداية والنهاية" ١٣/ ٢١٧ - وظاهر أن مراده بجهم هنا هو ابنُ صفوان رأس الجهمية، وليس كذلك، فالذي طُعن في فيه في هذه الواقعة هو جَهْم بنُ مسعود الناجي، وكان على باب نِيق الذي دخل الحارثُ المدينةَ منه. ينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٣٢.
(٣) الملَاةُ: فَلَاة ذات حرّ.
(٤) وكذا في "البداية والنهاية" ١٣/ ٢١٧. وعبارة "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٣٥: وأَبْرأكَ إليَّ، بدل: وأنزلت.
(٥) ينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٣٧ - ٣٣٨.