للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى أبو نُعيم عن مِسْمَع بن عاصم قال: شهدتُ عبدَ الواحد (١) ذاتَ يوم وهو يعظُ، فماتَ في ذلك المجلس أربعةُ أنفس قبل أن يقوم. قال مِسْمَع: فأنا شهدتُ جنائزَهم [أو جنازة بعضهم].

وروى ابن أبي الدُّنيا عن بكر بن مصاد قال: سمعتُ عبدَ الواحد يقول: يا إخوتاه، ألا تبكون شوقًا إلى الله تعالى؟! ألا إنه مَنْ بكى شوقًا إلى الله؛ لم يَحْرُمْهُ النظرَ إليه. يا إخوتاه، ألا تبكونَ خوفًا من النار؟! ألا إنَه مَنْ بكى خوفًا منها أعاذَه الله منها. يا إخوتاه، ألا تبكون خوفًا من شدّة العطش يومَ القيامة؟! يا إخوتاه، ألا تبكون؟! بلى، فابْكُوا على الماء البارد في أيَّام الدنيا لعلَّه أن يَسْقِيَكُمُوه في حظائر القدس مع خير النُّدماء من النبيِّين والصدِّيقين والشهداء والصالحين، وحسُن أولئك رفيقًا. ثم جعل يبكي حتى غُشِيَ عليه (٢).

وروى ابن أبي الدنيا عن حصين بن القاسم الوزَّان قال: لو قُسم (٣) بثُّ عبدِ الواحدِ على أهل البصرة لوسعهم، فإذا أقبلَ سَوادُ الليل نظرتَ إليه كأنه فرسُ رِهانٍ مُضَمَّرٌ، يتحزَّمُ ثم يقومُ إلى محرابه، فكأنَّه رجلٌ مخاطب.

وروى ابن أبي الدنيا عن حيَّان الأسود قال: حدَّثني عبدُ الواحد قال (٤): أصابَتْني علَّةٌ في ساقي، فكنتُ أتحاملُ عليها للصلاة. [قال:] فقمتُ ليلةً، فأجهدتُ وَجَعًا، فجلستُ، ثم لفَفْتُ إزاري في محرابي. ووضعتُ رأسي عليه، ونمتُ، فبينا أنا كذلك إذا بجاريةٍ تفوقُ الدُّنيا حُسنًا تَخْطِرُ بين جوارٍ مُزيَّنات، فقالتْ لهنَّ: ارفَعْنَه ولا تُهِجْنَهُ.


(١) في (خ) و (د): وقال مسمع بن عاصم: شهدت عبد الواحد … إلخ، والمثبت من (ص) والكلام الآتي بين حاصرتين منها، والخبر بلفظه في "صفوة الصفوة" ٣/ ٣٢٢ دون نسبة. وبنحوه أطول منه في "تاريخ دمشق" ٤٣/ ٣٥٣ من طريق ابن أبي الدنيا. ولم أقف عليه عند أبي نعيم، ولعل صاحب (ص) وهم فنسبه إليه، فقد سلف له مثل ذلك.
(٢) الخبر في "حلية الأولياء" ٦/ ١٦٠ - ١٦١ من طريق ابن أبي الدنيا. ودون نسبة في "صفوة الصفوة" ٣/ ٣٢٢.
(٣) في (خ) و (د): وقال حسين بن القاسم الوزَّان: لو قُسم … إلخ. والمثبت من (ص). والخبر في "حلية الأولياء" ٦/ ١٦١، و"تاريخ دمشق" ٤٣/ ٣٤٣ من طريق ابن أبي الدنيا.
(٤) في (خ) و (د): وقال حيَّان الأسود: حدثني عبد الواحد قال .. إلخ والمثبت من (ص). والخبر في "حلية الأولياء" ٦/ ١٦١، و"تاريخ دمشق" ٤٣/ ٣٤٥ من طريق ابن أبي الدنيا، وفي "تاريخ دمشق": حيَّان بن الأسود.