للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَزَى اللهُ إبراهيمَ عن أهل بَيتِهِ (١) … رشادًا وتعظيمًا (٢) ومَنْ شاءَ أرشدا

وأنتَ امْرُؤ حُلْوُ المُؤَاخاةِ باذِلٌ … إذا ما بخيلُ القومِ لم يَصْطَنِعْ (٣) يَدَا

فلم أرَ في الأقوام مِثْلَكَ سَيِّدًا … أهشَّ لمعروفٍ وأصْدَقَ مَوْعِدا

ولو لم يجد للواقفين (٤) ببابِهِ … سوى الثوبِ أَلْقَى ثَوْبَهُ وتَجَرَّدَا

من أبيات.

ولمَّا حبَسَه مروان يئس من نفسه، فكتبَ كتاب العهد إلى أخيه أبي العباس، وبعثَ به مع سابق مولاه، وقال له: قُلْ لأخي أبي العبَّاس: أنت وَصِييِّ بأمر أبي محمَّد بن عليّ.

وكان في الكتاب: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من إبراهيم بن محمَّد إلى أخيه عبد الله بن محمَّد، حفظك اللهُ يا أخي بحفظ أهلِ الإيمان، وتَوَلَّاك بالخير والصلاح، كتابي إليك من حَرَّان، والرَّجلُ قاتلي لا محالة، فإنْ هلكتُ فأنت الإمامُ الذي يُتمُّ اللهُ به وعلى يديه ما أثَّلْنَا، وتُرْعَى به حُرْمَةُ أوليائنا ودُعاتِنا، فعليك بتقوى الله وطاعته في قولك وقعلك وإصلاح نئتك، ليصلح لك عملُك، واستوص باهلِ دعوتنا وشيعشَا خيرًا، واحفظ عبدَ الرحمن -يعني أبا مسلم- فإنَّه أمينُنا، والساعي في دولتنا، واشْخَصْ عن الحَمَّة (٥) وكداد إلى أوليائنا بالكوفة أنت وأهلُنا مُسْتَتِرين عمَّن تخافون غِيلَتَه لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (٦).

وكان أبو العباس أشبهَ الناس بإبراهيم.

وسببُ حَبْسِه أنَّ أبا مسلم بعث إليه كاتبًا عربيًّا، فاستنطقَه إبراهيم، فوجده فصيحًا، فساءه ذلك، فكتب إلى أبي مسلم يلومُه ويقول: هذا يُفسِدُ علينا أمرنا فاقْتُلْه. ففتح الكتاب وقرأه، فجاء إلى مروان، فوَشَى به، فحبسَه (٧).


(١) في "أنساب الأشراف" ٣/ ١٤١، و"تاريخ دمشق" ٢/ ٥٤٠، و"مختصره" ٤/ ١٥٣: جُلِّ قومه.
(٢) في "أنساب الأشراف" و"تاريخ دمشق": رشادًا بكفَّيه.
(٣) في (خ) و (د): يستطع، والمثبت من "تاريخ دمشق".
(٤) في (خ): للوافدين. والمثبت من (د) وهو موافق لما في المصدر السالف.
(٥) في "أنساب الأشراف" ٣/ ١٣٩: الحُميمة (تصغير الحَمَّة) ويقال لها ذلك أيضًا، وهي بلد من أرض الشراة من أعمال عمَّان في أطراف الشام.
(٦) الخبر في المصدر السابق ٣/ ١٣٩ - ١٤٠ بنحوه.
(٧) بنحوه في "تاريخ دمشق" ٢/ ٥٣٩. وسلف أيضًا رواية أخرى في سبب حبس إبراهيم في أحداث سنة (١٢٩).