للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان ثقةً، كثيرَ الحديث، عابدًا، عاهدَ الله أن لا يضعَ جَنْبَهُ إلى الأرض، فأقامَ أربعين سنة لم يضع جنبه، فلما نزلَ به الموت قيل له: ألا تضطجع؟ فقْال: فما وفَّيتُ لله بالعهد إذًا. فأسندوه، فماتَ وهو كذلك (١).

وكان السجود قد نقر جبهتَه.

وخرج إلى الحج في مَحْمِل، فما وضع جَنْبَه فيه حتى رجع.

وكان يصلِّي في الصيف في البيت، فإذا جاءه الشتاء؛ صلَّى في السطح لئلا ينام.

وقال أنس بن عياض: رأيتُ صفوانَ بنَ سُليم ولو قيل له: غدًا القيامة؟ ما كان عنده مزيدٌ على ما هو عليه من العبادة.

وكان صفوان إذا أراد الخروج من مسجد رسول الله لحاجة بكى ويقول: أخاف أن لا أرجع إليه (٢).

وقال سفيان: جاء رجلٌ من أهل الشام، فقال: دُلُّوني على صفوان بن سُليم، فإني رأيتُه دخلَ الجنة. قال: قلتُ: بأيّ شيء؟ قال: بقميص كساه إنسانًا. وسأل بعضَ إخوان صفوان، فقال: خرجَ ليلةً من المسجد -وكانت باردة- فرأى رجلًا عُريانًا، فخلعَ ثوبَه، فكساه إيَّاه (٣).

وقال كثير بن يحيى: قدم سليمانُ بنُ عبد الملك المدينةَ وعُمرُ بنُ عبد العزيز رحمة الله عليه عاملُه عليها، فصلَّى بالناس الظهر، واستند إلى المحراب، واستقبل الناسَ بوجهه، وفتح باب المقصورة، فنظر إلى صفوان عن غير معرفة، فقال لعمر: من هذا الرجل؟ ما رأيتُ سمتًا أحسنَ منه. قال: هذا صفوانُ بنُ سُليم. فقال: يا غلام، كيسٌ فيه خمس مئة دينار. فأتى به، فقال لخادمه: اذهبْ إلى ذلك المصلِّي، فادْفَعْه إليه. فجاء الخادمُ، فجلس إلى صفوان، فلما رآه صفوان [ركع وسجد، ثم] سلَّم من صلاته وقال: ما حاجتُك؟ قال: أمرَني أميرُ المؤمنين -وهو ينظر إليك- أن أدفعَ إليك هذا


(١) حلية الأولياء ٣/ ١٥٩، وتاريخ دمشق ٨/ ٣٣٠، وصفة الصفوة ٢/ ١٥٣ - ١٥٤.
(٢) ينظر ما سلف في المصادر السابقة.
(٣) حلية الأولياء ٣/ ١٦١، وتاريخ دمشق ٨/ ٣٣١ - ٣٣٢، وصفة الصفوة ٢/ ١٥٤.