للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبينا هو كذلك جاءه الخبر بأنَّ مروان قد سار من الجزيرة يريد الشام طالبًا بدم الوليد، وجرت قصة عبدِ الله بن معاوية ومحاربته عبدَ الله، وجاء الضحاك الحَرُوريُّ إلى الكوفة، ومضى ابن عمر إلى واسط، وسار إليه الضحَّاك وحصرَه، ثم اتفقا، وقد ذكرناه (١).

ولما قُتل الضحاك دعا ابنُ عمر بالعراق إلى نفسه (٢)، وكان يقول: أنا عين بنُ عين ابن عين أقتُلُ ميمَ بنَ ميم بن ميم. يعني مروانَ بنَ محمَّد، فمات في حبس مروان.

ولما ظهر عبدُ الله بنُ علي على الشام قيل له: إن عبد الله بنَ عمر يذكر أنه قرأ في الكتب أنه يقتلُ مروانَ عينُ بنُ عين بن عين، وكان يؤمِّلُ أن يكون هو. فقال عبد الله: أنا واللهِ ذاك، وأفْضُلُ ابنَ عمر بأربعة أعين، أنا عبدُ الله بنُ علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن عَمرو (٣) -يعني هاشمًا- بن عبد مناف.

وكان ابنُ عمر مقيمًا بواسط، فلما ولَّى مروانُ ابنَ هُبَيرة العراقَ قصدَه وحصرَه في القصر، وخذَلَه أصحابُه، ووثبَ من كان بواسط على ابن عمر، وسَدُّوا عليه بابَ القصر باللَّبِن، فأخذَه ابنُ هُبيرة، فبعثَ به إلى مروان، فحبسَه كما ذكرنا (٤).

وقال ابن أبي الدنيا: إن مروان بَنَى لابن عمر بيتًا صغيرًا، وأدخله فيه، فذهب يُقيم صُلْبَه فلم يقدر، فذهب يمدُّ رِجْلَه فلم يقدر، فقال لابنه: يا بنيّ، الحمد لله، بينا خاتَمي يجوزُ في مشارق الأرض ومغاربها؛ صِرْتُ لا أملك إلا موضعَ قَدَمي. ثم أصبح ميتًا (٥).

أسندَ عبدُ الله عن أبيه عُمر، ورَوَى عنه ابنُه بُسْر-بسين مهملة- وكان بُسْر في صحابة المهدي بن المنصور.


(١) ينظر "أنساب الأشراف" ٧/ ١٦٤ - ١٧٤، وسلفت هذه الأخبار في أحداث سنة (١٢٧).
(٢) في "أنساب الأشراف" ٧/ ١٧٣: لما ظهر أمر مروان دعا عبد الله بن عمر إلى نفسه.
(٣) في (خ) و (د): عُمر، وهو خطأ.
(٤) ينظر "تاريخ" خليفة ص ٣٨٤ (سنة ١٢٩)، و"أنساب الأشراف" ٧/ ١٧٥، و"تاريخ دمشق" ٣٧/ ١٣٠ - ١٣١ (طبعة مجمع دمشق).
(٥) الخبر في "تاريخ دمشق" ٣٧/ ١٣١ من طريق ابن أبي الدنيا.