للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثلاثة أيام يبقى في السجن، ثم يخرجه الملك ويُصلب ﴿فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيرُ مِنْ رَأْسِهِ﴾ فقالا: ما رأينا شيئًا إنما كنا نلعب، فقال يوسف: ﴿قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١] أي فُرغ من الأمر الَّذي سألتما عنه ووجب حكم الله عليكما.

وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد بإسناده عن سعيد بن جبير عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: "أَفْرَى الفِرى أن يُرِيَ الرجلُ عينَيه ما لم تَرَيا" انفرد بإخراجه البخاري (١).

وفي "الصحيحين" عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: "من تحلَّم بحلمٍ لم يره كُلِّفَ أن يعقِدَ بين شعرَتَين، ولن يَفْعلَ" (٢).

وقال أبو إسحاق الثعلبي بإسناده عن أبي رَزين العقيلي قال: سمعت النبي ﷺ يقول: "إنَّ الرُّؤيا على رجلِ طائرٍ ما لم تُعبَّر، فإذا عُبِّرت وقعت، وإنَّ الرُّؤيا جُزءٌ من ستةٍ وأربعينَ جُزءًا من النُّبوةِ" (٣).

قال أبو سليمان الخطَّابي: ومعناه: أن النبي ﷺ أقام في النبوّة ثلاثًا وعشرين سنة، منها بمكة ثلاثة عشر وبالمدينة عشرًا، وكان: يوحى إليه في منامه في أول الأمر ستة أشهر، وهي نصف سنة، فصارت هذه المدة جزءًا من ستة وأربعين جزءًا من النبوَّة (٤).

﴿وَقَال﴾ يوسف عند ذلك ﴿لِلَّذِى ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا﴾ يعني الساقي، والظن هنا بمعنى اليقين ﴿أذَكُرْنِي إذا خرجت ﴿عِنْدَ رَبِّكَ﴾ أي: عند الملك، وقل له: إنَّ في السجن غلامًا مظلومًا ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ﴾ [يوسف: ٤٢].

واختلفوا في قوله: "فأنساه": ظاهر الكلام أن الشيطان أنسى الساقي ذِكْرَ يوسف للملك عقوبة له حيث استغاث بمخلوق مثله، وقد نصَّ عليه محمد بن إسحاق.

قال ابن عباس: وتلك غفلةٌ من يوسف حيث استغاث بمخلوق، ولو استغاث بربه لأسرع خلاصه، ولكنه زلَّ فطال حبسه. والواجب تنزيه الأنبياء على كل حال.


(١) صحيح "البخاري" (٧٠٤٣).
(٢) صحيح "البخاري" (٧٠٤٢) وهو من أفراده، انظر "الجمع بين الصحيحين" (١١٦٢).
(٣) "عرائس المجالس" ١٢٦، وهو في "مسند" أحمد (١٦١٨٢).
(٤) "معالم السنن" ٤/ ١٣٩.