للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان أبو جعفر يقول: [الذي] نخافُه من أبي مسلم أعظمُ من الذي كنا نخافه من أبي سلمة، يعني أنَّ أبا مسلم يدَّعي أنَّه ابنُ سليط (١).

وفي روايةٍ أنَّ أبا جعفر لمَّا قرأ كتابَ أبي مسلم الذي يقول فيه: إنِّي اتخذتُ أخاكَ إمامًا، كتب إليه يستعطفه. ويقول: للمدلِّ بطاعته ونصيحته مقال، ولم يزدك عندنا ما كتبتَ إلَّا ما تحبّ، فراجع أحسن مراجعة، ولا يدعونَّك ما أنكرته إلى التجنِّي، فإنَّ المغضبَ ربما تعدَّى في القول، فاقدم مبسوطَ اليد في أمرنا، محكَّمًا فيما هويت من الحكم فيه، ولا تُشمت بنا وبك الأعداء، والسلام (٢).

وأمر أبو جعفر بني هاشم بن عيسى بن موسى، وعيسى بن علي ومن حضَر أن يكتبوا إليه (٣) يشكرون ما كان منه من الطاعة، ويحذِّرونَه الخلاف والشقاق وعاقبةَ الغدر، وأن يقدم على أبي جعفر، ونحو ذلك.

وبعثَ بالكتاب مع أبي حميد المروذي، وقال: لاطفه أوَّلًا، فإن أجاب، وإلَّا فقل له. يقول لك أمير المؤمنين: لست للعباس (٤)، لئن لم تأتني لأطلبنَّك بنفسي (٥)، ولو خضتَ البحر لخضتُهُ، ولو اقتحمت النار لاقتحمتُها حتى أقتلَك أو أموتَ قبل ذلك. ولا تقل ذلك حتى تأيسَ منه ومن رجوعه.

فقدم أبو حميد عليه وهو بحُلوان فدفع إليه الكتاب ولاطفه وقال: إن الناسَ يبلغونكَ عن أمير المؤمنين ما لم يقله حسدًا لك، يريدونَ زوال النعمة عنك، فلا تفسد ما كان منك، فإنَّك لم تزل أمين (٦) آل محمَّد ، وما ذخرَ لك من الأجر أعظم ممَّا أنت فيه من الدنيا، فلا تحبط أجرَك، ولا يستغوينَّك الشيطان. فقال له أبو مسلم: متى كنت تكلمني


(١) أنساب الأشراف ٣/ ٢٣٠.
(٢) أنساب الأشراف ٣/ ٢٣٣.
(٣) كذا، وفي تاريخ الطبري ٧/ ٤٨٤: وقال أبو جعفر لعيسى بن علي وعيسى بن موسى ومن حضره من بني هاشم: اكتبوا …
(٤) في (خ): لست أبي العباس. والمثبت من (د).
(٥) تمامه كما في تاريخ الطبري ٧/ ٤٨٤: لست للعباس وأنا بريء من محمَّد إن مضيتَ مشاقًا ولم تأتني، إن وكلتَ أمرك إلى أحد سواي وإن لم أن طلبك وقتالك بنفسي …
(٦) في (خ) و (د): أمير. والتصويب من تاريخ الطبري ٧/ ٤٨٤.