للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سمع يومًا وهو في سطح دارِه نسوةً من جيرانه يقلن: ليتَ الأمير نظر إليَّ فأغنانا، فصرَّ دنانير في صُرَرٍ على عددهنَّ وألقاها إليهنّ، فماتت واحدةٌ منهنَّ فَرحًا.

وكانت له بالبصرة آثارٌ جميلة، سَكَن مكانًا (١) يقال له: الصنْدل (١)، وغرمَ أموالًا كثيرة حتَّى عذب ماء البصرة، واستخرج المغيثة (٢) من أرض الطليحة (٣)، فغرم عليها أَلْف أَلْف درهم، وبنى مساجدَ كثيرة، واتخذَ منارًا بين مكَّة والبصرة، وفيه يقول الشَّاعر: [من البسيط]

كم من يتيم ومسكين وأرملة … جبرتهم بعدَ فقر يا سليمانُ

ومسجدٍ خربٍ لله تعمرُه … فيه كهولٌ وأشياخٌ وشبانُ

وكتب إليه عبد الله بن حسن بن حسن يستمنحُه، فبعثَ إليه بثلاثين أَلْف أَلْف دينار (٤)، واعتذر إليه من خوفه من أبي جعفر بسبب أولاده.

وسليمان أوَّلُ من قدَّم الصلاة على الخطبة يوم العيد بالعراق من عمال بني العباس.

وكان رفيقًا رحومًا لم يتعرَّض لمن كان بالبصرة من بني أميَّة، فلم يسلموا في بلد سلامتهم في البصرة (٥).

ولمَّا حجَّ أنفقَ في صلات المهاجرين والأَنْصار وقريش والموسم خمسةَ آلاف أَلْف درهم، وكان أبو جعفر قد جعلَ له خراجَ أعماله، لا يحمل إليه منها شيئًا، فكان يخرجُ أموالًا عظيمةً، وكان يعتقُ كل سنَةٍ عشيةَ عرفة مئة رقبة.

وقال مجيب المازنِيّ: لمَّا قدم سليمان البصرة واليًا قيل له: إنَّ بالمربد رجلًا من بني سعد مجنونًا سريع الجواب، لا يتكلَّم إلَّا بالشعر، وكانت له ناقة يعمل عليها، فأرسلَ إليه سليمان قهرمانًا له، فقال: أحب الأمير، فامتنع عليه، فجرُّوه، فخرقَ ثوبه،


(١) كذا وقع في (ب) و (خ) و (ف) وهو تحريف. وجاء في أنساب الأشراف ٣/ ٩٩، وفتوح البلدان ص ٣٦٤: وسكر القندل. والقندل: موضع بالبصرة. معجم البلدان ٤/ ٤٠٢.
(٢) المغيثة: رَكِيَّةٌ (بئر) بين القادسية والعذيب. معجم البلدان ٥/ ١٦٣.
(٣) كذا في (ب) و (خ) و (ف). وهو تحريف. وفي أنساب الأشراف ٣/ ٩٩: البطيحة، والبطيحة: أرض واسعة بين واسط والبصرة.
(٤) في أنساب الأشراف ٣/ ١٠٠: بألف دينار.
(٥) في (ب) وأنساب الأشراف ٣/ ١٠٠: رقيقًا.