للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن أمرهما، فقال: إن ولَّيتُ رجلًا لمن أهل بيتي يمنعه الرحم والقرابة من مكروههما وطلبهما، فقال: ولِّ رجلًا من أهل العراق فقال: إن أهل العراق قد امتزجت محبة علي بن أبي طالب بدمائهم وأبشارهم، فيمنعلا ذلك منهما، ولكن أهل الشام قاتلوه وسفكوا دم أولاده هم وأبناؤهم، فقد توارثوا بُغضه، ورباح بن عثمان المري ابن عم مسرف بن عقبة، قد فعل بأهل المدينة ما فعل، فولاه، وأمر بطلبهما، فدخل المدينة، وصعد المنبر وقال: ﴿يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ﴾ [الأحزاب: ١٣]، أنا ابن عم مسلم بن عُقبة، الشديدُ الوطأة عليكم، الوَبيلُ العقابِ لكم، الخبيثُ السيرة فيكم، وأنتم عقب الذين حصدهم سيفه، وايم الله، لأحصدنّ منكم من بقي، ولأَسُومنكم سوء العذاب. ثم نزل (١)، وكان ظلومًا غشومًا فاسقًا.

ووقف على عبد الله بن حسن فقال له: أيها الشيخ، والله ما استعملني أمير المؤمنين لقرابة قريبة، ولا ليدٍ سلفت لي إليه، ووالله لا لعبتَ بي كما لعبتَ بابن القَسْري وزياد الحارثي، والله لأزهقنَّ نفسك أو تأتي بابنيك، فرفع عبد الله رأسه إليه وقال: كأني بك والله قد ذُبحتَ كما تُذبح الشاة، فكان كما قال.

ومعنى هذا أن زيادًا الحارثي كان يكوه البحث عن ابني عبد الله، وينشد: [من الوافر]

أُكَلَّفُ دْنبَ قومٍ لستُ منهم … وما جَنتِ الشّمالُ على اليمينِ (٢)

وكذا محمد القسري.

وقال عمر بن شبة: لما ظهر ذكر إبراهيم ومحمد استشار أبو جعفر أبا الشعثاء (٣) من قيس بن عَيلان في من يولي المدينة، فقال: ولِّ رجلًا من آل طلحة أو الزبير فإنهم لهم عَدوّ، فقال: كيف أنهز (٤) أهلَ بيتي بعدوِّهم؟ ولكن أختار لها صُعيليكًا من العرب، فولَّى رباح بن عثمان، فقدم المدينة في رمضان سنة أربع وأربعين، ونزل دارَ مروان،


(١) أنساب الأشراف ٢/ ٤٣١.
(٢) انظر تاريخ الطبري ٧/ ٥٣٠، ٥٣٣.
(٣) في تاريخ الطبري ٧/ ٥٣١: أبا السعلاء، وفي الكامل ٥/ ٥١٩: أبا العلاء.
(٤) نهزه: ضربه ودفعه، وفي الطبري: ولكني أعاهد الله ألا أثَّئر من أهل بيتي بعدوي وعدوهم، وفي الكامل: ولكني أعاهد الله لا أنتقم من بني عمي وأهل بيتي بعدوي وعدوهم.