للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الربيع بن نافع: كنَّا نجلسُ إلى الأعمش، فيقول: هل في السماء غيم؟ يعني: هاهنا من نكره؟

ذكر وفاته

قال أبو بكر بن عياش: دخلتُ على الأعمش في مرضه الذي مات فيه، فقلت: ألا أدعو لك طبيبًا؟ فقال: ما أصنعُ به، فوالله لو كانت نفسي بيدي لطرحتُها في الحشّ، فلا تؤذنن أحدًا بي إذا مت، واذهب واطرحني في لحدي (١).

ومات سنة ثمانٍ وأربعين ومئة، وهو ابن ثمانٍ وثمانين سنة. وقيل: سنة سبعٍ وأربعين.

وأدرك جماعةً من الصحابة وعاصرهم، ورأى أنس بن مالك، وقال: سمعت أنسًا (٢) يقرأ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ فقيل له: ﴿وَأَقْوَمُ﴾ فقال: "أصوب" و ﴿وَأَقْوَمُ﴾ سواء.

وسمع خلقًا من التابعين، وروى عنه الجمُّ الغفير، وكان ثقةً، وقيل: إنَّه كان يدلس، وشنَّع عليه المحدِّثون، فلذلك وقعَ فيهم.

وكان يَرى الماء من الماء، فما كان يغتسلُ من الجنابة حتى يُنزل، وأقامَ مدَّةً على ذلك حتى بلغه حديثُ عائشة رضوان الله عليها: "إذا التقى الختانان وجبَ الغُسل، أنزلَ أو لم ينزل" (٣)، فرجع عن مذهبه رحمة الله عليه (٤).

* * *


(١) حلية الأولياء ٥/ ٥١.
(٢) في (ب) و (خ): إنسانًا. تحريف. وانظر تاريخ بغداد ١٠/ ٦.
(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١/ ١٦٣ بهذا اللفظ لكن من حديث أبي هريرة ، وأخرج ابن ماجه (٦٠٨) من حديث عائشة أنها قالت: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، فعلته أنا ورسول الله فاغتسلنا. وانظر مسند أحمد (٤٢٠٦).
(٤) انظر المبسوط للسرخسي ١/ ٦٨ - ٦٩، ولم يذكر فيه رجوعه عن مذهبه.