للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقبلَ على أصحابه.

قال ابن سعد: وحدثنا بكَّار بن محمد بهذا كلِّه.

قال بكَّار: وما رأيتُ ابن عون شاتمًا أحدًا قط، لا عبدًا (١)، ولا أمةً، ولا شاةً، ولا دجاجةً، ولا رأيتُ أحدًا أملكَ للسانه منه.

قال: وكان بلال بن أبي بردة قد ضربه بالسِّياط؛ لأنه تزوَّج امرأة عربية، قال بكار: فما سمعتُه يذكرُ بلالًا بشيءٍ قطّ، ولقد بلغني أنَّ أقوامًا قالوا: يا أبا عون، فعلَ بلالٌ كذا وكذا، فقال: إنَّ الرجل قد يكون مظلومًا، فلا يزالُ يقول حتى يصيرَ ظالمًا.

وقال بكَّار: لقد صحبتُه مدَّة فما سمعتُه حالفًا على يمينٍ برَّةٍ ولا فاجرة حتَّى فرق الموت بيننا.

قال: وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا، وما رأيتُ بيده دينارًا ولا درهمًا وما رأيته وزنَ شيئًا قط، وكان إذا توضَّأ لا يعينُه على وضوئه أحد، ويمسح وجهه بمنديلٍ أو خرقة.

قال: وكان يغتسلُ للجمعة والعيدين ويتطيب، ويَرى ذلك سُنَّةً، ويلبس أنظفَ ثيابه، وما رأيتُه دخلَ حمَّامًا، ولا أكل طعامًا فيه ثوم قط.

وكان إذا وصل إنسانًا وصلَهُ سرًّا، وما كان يحب أن يطَّلعَ على عمله أحدٌ.

قال: وكان عثمان البتي يقول في شهادة الرجل لابنه (٢): لا يجوزُ إلَّا أن يكون مثل ابن عون.

وكان ابن عون إذا اجتهدَ في الدعاء يقول: يا أحد يا أحد.

قال بكار بن محمد: ورأيت بعض أسنان ابن عون مشدودةً بالذهب.

قال: ومات في رجب سنة إحدى وخمسين ومئة. وهذا الذي ذكرناه روايات ابن سعد (٣).

وروى أبو نعيم عن يحيى بن سعيد القطان قال: ما سادَ ابنُ عون الناسَ أن كانَ


(١) في (خ): ولا عبدًا. والمثبت من طبقات ابن سعد ٩/ ٢٦٢.
(٢) في طبقات ابن سعد ٩/ ٢٦٥ وتهذيب الكمال ١٥/ ٤٠٠: لأبيه.
(٣) طبقات ابن سعد ٩/ ٢٦١ - ٢٦٨.