للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من الطويل]

أبا جعفر حانت وفاتُك وانقضت … [سنوك] وأمرُ الله لا بدَّ نازلُ

أبا جعفرٍ هل كاهنٌ أو منجِّمٌ … يردُّ قضاءَ الله أم أنتَ جاهلُ

فقال: بادروا بي إلى حَرم الله.

وقال الربيع: لَمَّا نزلَ بستان بني (١) عامر اشتدَّ وجعه فسارَ منه إلى بئر ميمون، فنزلَها، وكان قد أمر بنصبِ الخشب ليصلبَ عليها سفيانَ الثوريّ وعبَّادَ بن كثير وابنَ جريج.

قال جدي في "المنتظم" بإسناده: عن عبد الرزاق يقول: بعثَ أبو جعفر الخشَّابين حين خرج إلى مكَّة، وقال: إنْ رأيتم سفيان الثوريّ فاصلبوه، فجاء النجَّارون، ونصبوا الخشب، ونودي سفيان، وإذا رأسه في حجر الفضيل ورجلاه النَّجارون، ابن عيينة، فقالوا له: يا عبد الله، اتَّقِ الله ولا تشمت بنا الأعداء، فقام إلى أستار الكعبة فأخذها، ثمَّ قال: برئتُ منه إن دخلَها أبو جعفر، فمات قبل أن يدخلَها، فأخبر سفيان بموته فلم يقل شيئًا (٢).

وقال ابن البراء: فتوفِّي أبو جعفر ببئر ميمون لستٍّ خلونَ من ذي الحجَّة سنة ثمانٍ وخمسين ومئة (٣)، وذلك ليلةَ السبت مع طلوع الفجر، ولم يحضره عندَ وفاته إلَّا الربيع وخدمُه، وكتمَ الربيعُ موتَه، ومنعَ النساءَ وغيرهنَّ من البكاء عليه والصراخ، ثمَّ أصبح الربيع فأحضرَ أهلَ بيته، فأولُ من دعا عيسى بن موسى وعيسى بن علي وموسى بن المهدي، وأخذ عليهم البيعةَ للمهدي وبعده لعيسى بن موسى، ثمَّ دعا بالقوَّاد فبايعوا، وتوجَّه محمد بن سليمان والعباس بن محمد إلى مكَّة فأخذا البيعة للمهديِّ على الناس بين الركن والمقام، ثمَّ خرجا إلى بئر ميمون، وأخذا في جهاز المنصور وغسله وتكفينه ودفنه، وكان المتولِّي لذلك الربيع وأهلُ بيت المنصور ومواليه، ودُفن عندَ صلاة العصر، وكُشِفَ رأسُه لأجل الإحرام.


(١) في تاريخ الطبري ٨/ ٦٠: بستان ابن عامر.
(٢) المنتظم ٨/ ٢٠٤. وما بين حاصرتين منه.
(٣) تاريخ بغداد ١١/ ٢٥٣.