للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تركنا الدِّينَ والدنيا جميعًا … بحيث ثوى أميرُ المؤمنينا

وكانت الخَيزُران قد جاءت إلى ماسَبَذان في مئة قبَّةٍ من الذيباج، فأَقامت عنده أيامًا، فلمَّا عادت إلى بغدادَ أَلبست القِبابَ المُسوح، فقال أبو العتاهية: [من مجزوء الرمل]

رُحنَ في الوَشي وأَصبحْـ … ـنَ عليهنَ المُسُوحُ

كلُّ نطَّاحٍ من الدَّ هـ … ـرِ له يومٌ نَطوح

لَتموتنَّ ولو عُمـ … ـمِرْتَ ما عُمِّر نُوح

فعلى نفسك نُحْ … إنْ كنتَ لا بدَّ تنوح (١)

ذِكرُ أولاده:

كان له من الولد موسى الهادي، وهارونُ الرشيد، وعيسى [و] (٢) البانوقة، وأمُّهم الخَيزُران، وهي بنتُ عطاء، وقيل: كانت جرشيةً مولاةَ المهدي، وإلى عيسى يُنسب عيسى باذ، وكان له عيسى آخر، وعُبيد الله، وأمُّهما رَيطة بنتُ أبي العباس السفَّاح، ومنصور، وأمُّه بنت الأَصْبَهْبَذ صاحبِ طَبَرِستان، ويقال: إنَّها وَلدت للمهديِّ العاليةَ وسليمةَ والعبَّاسةَ لأمِّ ولد، ويعقوبَ وإسحاقَ لأمِّ ولد، وإبراهيم، وأمُّه شَكلة من سبي دُنْباوَند، ومن أولاد المهديِّ عليٌّ وعبدُ الله، فأما عليٌّ فحجَّ بالناس، وولي البصرة، وتوفِّي ببغداد، وأما عيسى فمات صغيرًا، وأما عبيدُ (٣) الله فولي إِرمينيةَ والجزيرة، وأما منصورٌ فولي البصرة وفلسطين، وحجَّ بالناس في فتنة الأمين، ولم يدخل مع الأمينِ ولا مع المأمون، وأما العباسةُ فتزوَّجها هارونُ بن محمدِ بن سليمان، فمات عنها، فتزوَّجها إبراهيمُ بن صالحِ بن علي، وأما البانوقةُ فكان أبوها يحبُّها حبًّا شديدًا، وكان لا يصبر عنها لحظةً واحدة، وكان يركب وهي بين يديه عليها قَباءٌ أسودُ وفي وسطها منطقة (٤)، فتوفِّيت ببغدادَ في سنة خمسٍ وستين ومئة، فجزع عليها المهديُّ جزعًا لم


(١) رواية الديوان ص ٩٩:
نح على نفسك يا مسكين إن كنت تنوح
(٢) ما بين حاصرتين من أنساب الأشراف ٣/ ٣١٥، والمنتظم ٨/ ٢٠٦.
(٣) في (خ): عبد، والمثبت من أنساب الأشراف ٣/ ٣١٦.
(٤) غير واضحة في (خ)، والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ١٨٦.