امرأةٌ ادَّعت بدعوى ولم تصح، أعديتَها عليّ؟ فقال: إدن رأى الأمير أن يعفيني فليفعل، فقال: امضِ إليه ويلك، فقام وأمرَ غلمانَه أن يتقدَّموه إلى الحبس بفراشٍ وما يحتاجُ إليه، ثم جاءَ فوقفَ بين يدي شريك وقال: الأمير يقول لك: يَا سبحان الله، ما رأيتُ أعجبَ من أمرك، وأدَّى الرسالة، فقال: يَا غلام، خذ بيده واحملهُ إلى الحبس، فقال: قد عرفتُ والله أنَّك تفعل بي هذا، فقَدَّمت إلى الحبس ما يصلحني، وبلغَ موسى بن عيسى، فأرسلَ الحاجب إلى شَريك يقول: هذا رسول أيشٍ عليه؟ فلمَّا جاء الحاجب وأدَّى الرسالة قال: ألحقُوه بصاحبِه، فحُبِس، فلما صلى الأمير العصرَ بعث إليه بإسحاق بن الصباح الأشعثي وجماعةٌ من وجوه أهل الكوفة من أصدقاء شَريك، وقال: امضوا إليه فأبلغوه السَّلام، وقولوا له: إنَّ هذا ليس كالعامة، وقد استخفَّيت به، فجاؤوا إليه وأبلغوه السلامَ والرسالةَ. قال: من ها هنا من فتيان الحيِّ، فليأخذ كلُّ واحد بيد واحد إلى الحبس، قالوا: جادٌّ أَنْتَ؟ قال: إي والله؟ لئلَّا تحملُوا رسالةَ ظالم، فحُبِسوا.
فركبَ موسى بن عيسى في الليل إلى باب الحبسِ، فأخرجَهم جميعًا، فلمَّا كان من الغد جاء السجَّان إلى شَريك فأخبره، فختم قمطره وقال: يَا غلام الحقني به إلى بغداد، والله ما طلبنا هذا الأمر منهم، ولقد أكرهونَا عليه، وضمنُوا لنا الإعزازَ فيه، وركبَ بغلتَه ومضى حتَّى بلغ القنطرة، فبلغَ موسى فركبَ في موكبه ولحقَه، وجعلَ يناشده الله؟ يَا أَبا عبد الله، تثبَّت تحبسُ إخوانك! دعهم واحبس أعواني، فقال: إنَّما حبستُهم حيث مشوا في الظلم، والله لا أرجعُ حتَّى تردَّهم جميعًا إلى الحبس، فوقفَ مكانه حتَّى ردَّهم جميعًا إلى الحبس، ثم قال شريكٌ لأعوانه: خذُوا بلجامِ بغلةِ موسى إلى مجلس الحكم، فأخذُوا بلجامِه، وأتى المسجد فدخل وجلس للحكم، وقال: أين المتظلمة؟ فحضرت، فسوَّى بينهما في المجلس وقال: هذا خصمُك قد حضرَ، وهو جالسٌ معها بين يديه، فقال: أولئكَ يخرجونَ من الحبس قبل كلِّ شيء، قال شريك: أمَّا الآن فنعم، ثم قال: ما تقولُ فيما تدَّعيه هذه؟ قال: صَدَقَتْ. قال: فتردُّ عليها بستانها؟ قال: نعم. قال: وتعيدُ حيطانَها كما كان؟ قال: نعم أفعل، فقالت المرأة: وبيتُ الفارسيّ تبنيه، وتردُّ قماشه؟ قال: نعم. فقالت لشريك: جزاك الله من قاضٍ