للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوَلَدَ إبراهيمُ سعدًا ومحمَّدًا لأمِّ ولد، وإسماعيلَ لأمِّ ولد، ويعقوبَ.

وروى عن الزُّهريِّ، وصالحِ بن كَيسانَ، والحارثِ وعبدِ الله ابني عكرمةَ وغيرِهم، وكان ثقةً كثير الحديث، وسكن بغداد، وكان على بيتِ المال.

وقال الخطيب (١): وُلد سنةَ ثمانٍ ومئة. وقَدِم العراقَ على هارون، فأَكرمه، وسأله عن الغناء، فأَفتاه بتحليله، وكان قد انفرد بأحاديثِ الزُّهري، فأتاه بعضُ أصحاب الحديثِ ليسمعَ منه، فوجده يغنِّي، فدخل عليه فقال: لقد كنتُ حريصًا أن أسمعَ منك، فأمَّا الآنَ فلا أسمعُ منك حديثًا أبدًا، فقال له إِبراهيم: فإذن لا أفقد إلَّا شَخصَك، ثم حلف وقال: عليَّ كذا وكذا إنْ حدَّثتُ ببغدادَ -ما أقمت- حديثًا حتَّى أغنِّيَ قبله.

وبلغ الرشيدَ خبرُه، فاستدعاه وسأله عن المخزوميةِ التي قطعها رسولُ اللهِ في سرقة الحُلِيّ (٢)، فقال: عليَّ بعود، فقال هارون: عودُ المِجْمَر؟ قال: لا، عودُ الضَّرب، فتبسَّم الرشيد، فقال: لعلك يا أميرَ المؤمنين بلغك حديثُ السفيهِ الذي أَلجأني إلى اليمين، قال: نعم، ودعا له لعُود، فأَخذه ووضعه، وغنَّى فقال: [من البسيط]

يا أمَّ طلحةَ إنَّ البَينَ قد أَزِفا (٣) … قلَّ الثَّواءُ لئن كان الرَّحيلُ غدًا

فقال له هارون: مَن كان من فقهائكم يكره السَّماع؟ فقال: مَن ربطه اللهُ تعالى، قال: فهل بلغك عن مالكِ بن أنسٍ فيه شيء؟ قال: لا، ولكن حدَّثني أبي أنَّهم اجتمعوا في دعوةٍ لبني يربوع، وهم يومئذٍ جِلَّة وفيهم مالك، فتغنَّى وقال: [من مجزوء الوافر]

سُليمى أَجمعت بَيْنا … فأَين لقاؤها أينا

وقد قالت لأَترابٍ … لها زُهرٍ تلاقَينا

تعالينَ فقد طاب … لنا العيشُ تعالينا (٤)


(١) في تاريخه ٦/ ٦٠٣، ٦٠٦.
(٢) أخرجه البُخاريّ (٢٦٤٨) و (٣٤٧٥)، ومسلم (١٦٨٨) من حديث عائشة .
(٣) كذا في (خ) وتاريخ الإسلام ٤/ ٧٩٧، وفي ديوان عمر بن أبي ربيعة -والبيت له- ص ٣٩١، والأغاني ١/ ٢٠٨، وتاريخ بغداد ٦/ ٦٠٦: أَفِدا، وكلاهما بمعنى، غير أن الأخيرة أصح للتصريع.
(٤) الأبيات لمحمد بن عائشة كما في الأغاني ٢/ ٢٣٤ - ٢٣٥، ٢٣٧.