للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان هارونُ يثني عليه ويقول: عمِّي العباسُ يُعدُّ في أَسلافنا، وكان يعظِّمه ويبجِّله، وكان يقول لهارون: إنَّما مالُك ما تزرع به مَن أَصلحتْه نعمتُك، وسيفُك تحصد به مَن كَفرها.

وكان أَجودَ النَّاس، وفيه يقول ربيعةُ الرَّقي: [من الكامل]

لو قيل للعبَّاس يا ابنَ محمَّد … قل لا وأنت مخلَّدٌ ما قالها

إنَّ السَّماحةَ لم تنزل مَعْقولةً … حتَّى حلَلْتَ براحتيك عِقالها

وإذا الملوكُ تسايرت في بلدةٍ … كانت كواكبَها وكنتَ هلالها (١)

وغضب العباسُ على سعيدِ بن سليمانَ المُساحقيّ، فكتب إليه سعيد: [من البسيط]

أَبلِغْ أبا الفضلِ يومًا إن عرضْتَ له … من دائم العهدِ لم يخشَ الذي صَنَعا

ما بالُ ذي حرمةٍ صافي الإخاءِ لكمْ … أمسى بجَفْوَتكمْ (٢) من ودِّكم فَجِعا

من غير نائرةٍ إلَّا الوفاء لكمْ … ما مثلُ حبلِك من ذي حُرمةٍ قُطِعا

ما تمَّ ما كنتُ أَرجو من مَودَّتكمْ … حتى تبايَنَ شِعْبُ الوُدِّ فانصدعا

أَمَا وربِّ مِنًى والعامدين (٣) لها … والدَّافِعين بجَمْعٍ يوضِعون معًا

لو كان غيرُك يَطوي حبلَ خُلَّته … دوني ويَلْبَس ثوبَ الهجرِ ما انتفعا (٤)

فرضي عنه.

وقال له رجل: أَتيتُك في حُوَيجة، فقال: اُطلب لها رُجَيلًا.

وتوفِّي بالعبَّاسية وله خمسٌ وستُّون سنةً وستةُ أشهرٍ وعشرون يومًا (٥)، وأهلُه يزعمون أنَّ الرشيد سمَّه، فسقى بطنُه فمات.


(١) الأغاني ١٦/ ٢٥٦ - ٢٥٧، تاريخ بغداد ١٤/ ٦، تاريخ دمشق ٣٢/ ٢٢٥، معجم الأدباء ١١/ ١٣٥، وانظر في ترجمته أيضًا المنتظم ٩/ ١٢٤، وتاريخ الإسلام ٤/ ٨٧٤، والسير ٨/ ٥٣٤.
(٢) في تاريخ دمشق ٣٢/ ٢٢٦: بحرَّته.
(٣) في تاريخ دمشق: والعامدات.
(٤) في تاريخ دمشق: ما اتبعا.
(٥) في تاريخ بغداد ١٤/ ٥، والمنتظم ٩/ ١٢٤: وستة عشر يومًا، وفي تاريخ دمشق ٣٢/ ٢٢٩: وبضعة عشر يومًا.