وقال ابنُ المباركْ: رأيتُ أعبدَ الناس وأَورعَ الناس، وأعلمَ الناس، وأَفقهَ الناس، أمَّا أعبدُ الناس فعبدُ العزيز بنُ أبي روَّاد، وأما أورعُ الناس فالفضيلُ بن عياض، وأمَّا أعلم الناس فسفيانُ الثوري، وأما أفقهُ الناسِ فأبو حنيفة.
وكان سفيانُ بن عيينةَ يقبِّل يدَ الفضيلِ بن عياض.
واتَّفقوا على صِدقه وثقتِه وأَمانته وزَهادته وعبادته.
وقال محمَّد بن حسَّان: شهدتُ الفضيلَ بن عياضٍ وقد جلس إليه سفيانُ بن عُيينة، فتكلَّم الفضيل فقال: كنتم معاشرَ العلماءِ سُرُجَ البلادِ يُستضاء بكم، فصرتم ظُلمة، وكنتم نجومًا يُهتدَى بكم فصرتم حَيرة، ثم لا يستحي أحدُكم أن يأخذَ مال هؤلاء الظَّلمةِ ثم يُسندَ ظهرَه ويقول: حدَّثني فلانٌ عن فلان، فقال سفيان: هاه هاه، واللهِ لَئن كنا لسنا بصالحين فإنَّا نحبُّهم. ثم طلب منه سفيانُ الحديث، فأملى عليه ثلاثين حديثًا.
وكان للفضيل من الولد عليّ، اشتهر بالزُّهد ومات في حياةِ أبيه. ومحمَّد، وعمر، وأبو عبيدةَ بنُ الفضيل، كوفيٌّ سكن مكَّة وقدم مصرَ وحدَّث بها، ورجع إلى مكَّة فتوفِّي بها في صَفَرٍ سنةَ ستٍّ وثلاثين ومئتين، رحمةُ اللهِ عليه ونفعنا به في الدُّنيا والآخرة.