للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرنا اختلافَ العلماءِ في مولده، فقال الطبريّ (١): سنةَ خمسٍ وأربعين ومئة، وقال ابنُ أبي الدنيا: سنةَ تسعٍ وأربعين ومئة.

ذِكر طرَف من أخباره:

قد ذكرنا منها جملةً متفرِّقة في الكتاب، رُوي عن الجاحظ أنّه كان يقول:] اجتمع له ما لم يجتمع لغيره من الخلفاء [من جدٍّ وهزل]: وزراؤه البرامكة لم يُرَ مثلُهم شَرَفًا وسخاء، وقاضيه أبو يوسفَ وحفصُ بن غياثٍ ونوحُ بن درَّاج، وشاعرُه مروان بن أبي حَفْصة [كان في عصره مثلَ جَرير]، ونديمُه عم أبيه العباسُ بن محمد [صاحبُ العبَّاسية] وكان عظيمًا، وحاجبُه الفضل بنُ الربيع، أشدّ الناس حزمَّا، ومغنيه إبراهيمُ الموصلي، أوحدُ زمانه في صناعته، وزوجتُه زُبيدة بنت جعفر، أرغبُ الناس في خير وأسرعُهم إلى كل بِرّ، وواعظه محمَّد بن السمَّاك ومنصورُ بن عمار، وأولادُه: الأمين، والمأمون، والمؤتَمَن، والمعتصم.

وقال إبراهيمُ بن محمد [بن عَرَفة] (٢): كان هارونُ يصلي كل يوم وليلةٍ مئةَ ركعةٍ نافلة، ويتصدَّق من صُلب ماله كل يومٍ بألف درهم، وكان إذا حج حج معه بثلاث مئةٍ من العلماء والأَعيان، وفي العام الذي لا يحجُّ فيه يحجُّ أيضًا بثلاث مئة، ولم يَفُتْه الحجُّ إلَّا أعوامًا يسيرة.

[ذِكر حجَّاته:

قال خليفة:] حجَّ [هارونُ في] سنة سبعين، وسنةِ ثلاث وسبعين، وأربعٍ وسبعين، وخمس وسبعين، وتسعٍ وسبعين، وسنةِ ثمانين (٣)، وسنة ستّ وثمانين ومئة.

وحُفظ عنه مِن بعض حجَّابه أنَّه دخل البيتَ، وقام على أصابعه وقال: يا مَن يملك حوائجَ السائلين، ويعلم ضمائرَ الصامتين، لكلِّ سائل منك ردٌّ حاضر أو إِجابة، ولكلِّ صامت منك علمٌ محيط بباطن حالِه، يا ذا المواعيدِ الصادقة، والأَيادي الفاضلة، والرحمةِ الواسعة، صلِّ على سيِّدنا محمَّد وعلى آل محمَّد، واغفر لنا ذنوبَنا، وكفِّر عنا


(١) في تاريخه ٨/ ٢٣٠. وما بين حاصرتين من (ب).
(٢) ما بين حاصرتين من (ب)، وانظر تاريخ بغداد ١٦/ ١٠.
(٣) كذا في (ب) و (خ)، والصواب: إحدى وثمانين، كما في تاريخ خليفة ص ٤٥٦.