للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان أبو نُواس يَحْسُد أشجَع ويدَّعي أنَّه دَعيّ، وهو القائلُ فيه: [من الخفيف]

قل لمن يَدَّعي سُليمًا سَفَاهًا … لستَ منها ولا قُلامةَ ظُفْرِ

إنَّما أنت مُلْصقٌ مثل واوٍ … أُلصِقتْ في الهجاءِ ظُلمًا بعَمرو (١)

ومن شعر أشجع: [من المتقارب]

أتَصبرُ يا قلبُ أم تَجزَعُ … فإنَّ الديارَ غدًا بَلْقَعُ

غدًا يتفرَّق أهلُ الهوى … ويصنع ذو الشَّوق ما يصنع

فها أنت تبكي وهم جِيرةٌ … فكيف يكون إذا وَدَّعوا

أتطمَعُ في العيش بعد الفراقِ … مُحالٌ لَعَمرُك ما تطمع

لَعَمْري لقد قلتَ يومَ الفراق … فأسمعتَ صوتَك مَن يسمع

فما عرَّجوا حين ناديتَهم … وقد قتلوك وما ودَّعوا

ألا إنَّ بالغَور لي حاجةً … تؤرِّق عيني فما تَهْجَع

إذا الليلُ ألبَسَني ثوبَه … تقلَّب فيهِ فتًى مُوجَع

لقد زادني طَرَبًا بالعراقِ … بوارقُ غوريَّةٌ تلمع

إلى جعفرٍ بلغت هِمَّتي … فأيّ فتًى نحوه تَنْزعُ

وما لامرئٍ دونه مَطلَبٌ … وما لامرئٍ دونه مَقْنَعُ

يريد الملوكُ مدى جعفرٍ … وهم يَجمعون ولا يَجمع

وكيف ينالون غاياتِهِ … وما يَصنعون كما يَصنع

وليس بأوسعِهِم في الغنى … ولكنَّ معروفَه أوسع

يَلوذُ الملوكُ بأبوابه … إذا نابَها الحَدَثُ المُفْظِعُ

إذا همَّ بالأمر لم يَثْنِهِ … هُجوعٌ (٢) ولا شادِنٌ أَفرع


(١) في الديوان ص ٣٣٥:
إنما أنت من سليم … كواو ألحقت …
(٢) في (خ): هجون، والمثبت من الأوراق ٨٣ (أخبار الشعراء المحدثين)، وتاريخ دمشق ٣/ ٣١ (مخطوط دار البشير)، ومختصره ٤/ ٤٠٥، والشعر والشعراء ٢/ ٨٨٣. والقصيدة طويلة ذكر بعضها ابن قتيبة في الشعر والشعراء، والأصبهاني في الأغاني ١٨/ ٢٢٤ - ٢٢٥، والبغدادي في الخزانة ١/ ٢٩٦ - ٢٩٧.