للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و [قال هشام بنُ عمار:] (١) قدَّم رجلٌ رجلًا إلى شريكٍ القاضي، فادَّعى عليه بمئة ألفِ دينار، فأقرّ، فقال شريك: لو أنكر لم أقبلْ عليه إلَّا شهادةَ وكيعٍ وعبدِ الله بن نُمَير.

وقال وكيع: أتيت الأعمشَ فقلت: حدِّثني، فقال: ما اسمُك؟ قلت: وكيع، قال: اسم نبيل، وما أظنُّك إلَّا سيكون لك نبأ، أين تنزل من الكوفة؟ قلت: في بني رُؤاس، قال: أين من منزل الجرَّاح بنِ مَليح؟ قلت: ذاك أبي -وكان أبي على بيت المال- فقال: اذهب وجئني بعطائي وتعالَ حتى أحدِّثَك بخمسة أحاديث، فجئت أبي وأخبرته، فقال: خذ نصفَ العطاءِ واذهب به، فإذا حدَّثك بالخمسة فخذ النصفَ الآخرَ فاذهب به حتى تكونَ عشرة، قال: فأتيتُه بنصف عطائه، فأخذه فوضعه في كفِّه ثم سكت، فقلت: حدِّثني، فأملى عليَّ حديثين، فقلت: وعدتني بخمسة، قال: فأين عطائي كلُّه؟ أَحسِبُ أنَّ أباك أمرك بهذا ولم يعلم أنَّ الأعمشَ مدرَّب قد شهد الوقائع، اذهب فجئْ بتمامه، وتعال حتى أحدِّثَك بخمسة أحاديث، فجئتُه بعطائه، فحدَّثني بخمسة أحاديث، فكنت إذا كان أوَّل كلِّ شهر آتيه بعطائه فيحدِّثني بخمسة أحاديث.

أسند وكيعٌ عن أبيه، وعن سفيانَ الثوريِّ وغيرِهما، وروى عنه الإِمام أحمدُ وغيره.

واتَّفقوا على صدقه وثقته، وكان الإِمام أحمدُ يقول: عليكم بوكيع؛ فإنه حافظ حافظ، وعليكم بمصنَّفاته.

وقال الإِمام أحمدُ رحمةُ الله عليه لعباس الدُّوري: لو رأيتَ وكيعًا لعلمتَ أنَّك لم ترَ مثله، وما رأت عيناي مثلَ وكيعٍ قطّ، يحفظ الحديثَ جيّدًا، ويذاكر بالفقه فيُحسن، مع ورعٍ واجتهاد، ولا يقع في أحد.

وقيل للإمام أحمدَ : أيُّما أحبُّ إليك، وكيعُ بن الجرَّاح أو عبد الرَّحمن بن مَهْدي؟ فقال: أما وكيع، فصديقُه حفص بنُ غياث، ولي القضاءَ فما كلَّمه وكيع حتى مات، وأما ابنُ المهدي، فصديقه معاذُ بن معاذٍ العَنْبَري، ولي القضاءَ فما فارقه حتى مات (٢).


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) ما بعد هذا إلى نهاية الترجمة من (ب).