للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وحكى الحافظ ابنُ عساكرٍ (١) أيضًا عن أحمدَ بن حنبلٍ أنه سأل] الهيثمَ بن خارجةَ: كيف كان مخرجُه، فوصفه الهيثم بهيئة جميلة واعتزال للشرّ قبل خروجه، ثم وصفه بالظُلم بعد خروجه.

قال: وأرادوه على الخروج [مِرارًا] فأبى، فحفر له خطابٌ الدمشقيُّ (٢) -ويُعرف بابن وَجْه الفلس مولى الوليدِ بن عبد الملك بنِ مروان- وأصحابُه سَرَبا تحت بيته، ودخلوه في الليل ثم نادَوه: اخرج، فقد آنَ لك أن تخرج، فقال: هذا شيطان، ثم أتَوه في الليلة الثانيةِ والثالثة فنادَوه كذلك، فوقع في نفسه، فخرج لما أصبح. فقال الإِمام أحمدُ : أفسدوه.

[وحكى ابنُ عساكر عن] عبد الحميدِ المَيموني [قال] (٣): ولَّى محمَّد بن زبيدةَ سليمانَ بن أبي جعفرٍ حمصَ ودمشق، فوثب به الخطَّابُ، فخلع سليمانَ وبايع السُّفياني، وبايعه أهلُ الشام وحمصَ وقِنَّسرين والسواحلِ إلَّا القيسية، فنهب دورَهم وأحرقها وقاتلهم، وكانت مضرُ معه عليهم، وكان أصحابه ينادون في أسواق دمشق: قوموا فبايعوا المهديَّ المختار، الذي اختاره اللهُ علي بني هاشمٍ الأشرار.

ولما صعد منبرَ دمشق، قام إليه مجنونٌ كان في الجامع فقال: أسخن اللهُ عينَك يا أبا العَميطَر، لقد ألقيتَ نفسَك وألقيتنا معك في حُفْرةِ سَوء.

وكان محمَّد بنُ صالح بنِ بَيهَس الكِلابي من وجوه قيس، فاجتمعت قيسٌ إليه، وقاتل أبا العَميطر والمُضَريةَ بين سَكَّاء وقَرَحْتا، وكانت بينهم وقائعُ كثيرة، ومرض ابنُ بيهس، فأمر القيسية أن يبايعوا مَسْلمةَ بن يعقوبَ بنِ عليِّ بن محمَّد بنِ سعيد بن مسلمةَ بنِ عبد الملك بنِ مروان، فبايعوه، فقاتل مسلمةُ أبا العميطر، فهزمه وقتل أصحابهَ، ودخل دمشق فأخذ أبا العميطر فأوثقه، وعوفي ابنُ بيهس، فأراد الحكم على مسلمة، فعصى عليه، فأرسل ابنُ بيهس إلى القيسية، فخامروا على مسلمة وفتحوا له بابَ كَيسان، فدخل ابنُ بيهس إلى البلد، وخرج مسلمةُ وأبو العميطر إلى المزَّة في زِيِّ النساء، وذلك في سنة ثمانٍ وتسعين ومئة، فأقاما بها أيامًا، ومات أبو العَميطَر، فصلى


(١) في تاريخه ٥١/ ٢٥.
(٢) في (خ): فحفر له خطاب بن وجه الفلس الدمشقي … ، والمثبت من (ب)، وهو الموافق لما في تاريخ دمشق.
(٣) تاريخ دمشق ٥١/ ٢٦، وفي (خ): وقال عبد الحميد الميموني، والمثبت من (ب).