للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحسنَ الناس وجهًا، وأسخاهم نَفْسًا، وأشرفَهم أبًا وأمًّا، أديبًا فصيحًا، عارفًا بأيَّام الناس والشعر والعلوم، لكنه هان عليه القبيحُ فلَجِجَ في بحر هواه وبغيه وغدرِه بأخيه، وكان سخيًّا بالدينار والدرهمِ بخيلًا بالطعام (١).

[وحكى الخطيبُ عن الصوليِّ قال:] (٢) كان له خادمٌ اسمه كوثر، وكان يحبُّه حبًّا شديدًا، فلَها به عن الرَّعية، فتوقَّفت أحواله وأحوالُهم [وقال فيه الشّعر] ومن شعره فيه: [من مجزوء الرمل]

ما يُريد الناسُ من صَبْـ … ـبٍّ بمَن يَهوى كئيبِ

كوثرٌ ديني ودنيايَ … وسُقمي وطَبيبي

أعجز الناسِ الذي يَلـ … حَى مُحبًّا في حَبيب

ليس إنْ قيس خليًّا … قلبُه مثل القلوب

و [حكى الخطيب (٣) أيضًا عن الصُّولي قال:] خرج كوثرٌ يومًا في حرب طاهر، فأُصيب في وجهه، فرجع والدمُ يسيل عليه، فجعل محمَّد يمسح الدمَ عنه ويقول: [من مجزوء الرمل]

ضربوا قُرَّةَ عيني … ومنَ أجلي ضربوهُ

أخذ اللهُ لقلبي … من أُناسٍ أحرقوه

وأراد زيادةً فلم يؤاتِه طبعُه، فقال: مَن بالباب من الشعراء؟ قالوا: عبدُ الله بن أيوبَ التَّيمي، فلمَّا دخل من الباب قال له: قل عليها، فقال:

مَن رأى الناسُ له الفَضـ … لَ عليهم حَسَدوهُ

مثلَما قد حسَدَ القا … ثمَ بالملك أخوه

فأَوقر له ثلاثةَ أَبغُلٍ دراهم.


(١) بعدها في (ب): وله في البخل على الطعام حكايات ذكرها الطبري وليس فيها ما يستظرف. ولم نقف عليها في تاريخ الطبري.
(٢) انظر تاريخ بغداد ٤/ ٥٤٣ - ٥٤٤ و ٥٤٧. وما بين حاصرتين من (ب).
(٣) في تاريخه ٤/ ٥٤٣ - ٥٤٤.