للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام أحمدُ بن حنبلٍ رحمةُ الله عليه: ما رأيت بالكوفة أفضلَ من حسين الجُعفي، وكان يُشَبَّه بالرُّهبان.

[وكان هارونُ الرشيد إذا رآه قبَّل يديه. وحدَّثنا غيرُ واحد عن محمد بنِ أبي منصورٍ بإسناده عن أبي] بكر بنِ سَماعةَ قال (١): كنا بمكَّة، فقدم الرشيدُ ومعه جعفر بنُ يحيى، فقال للخادم: سَلْ عن حسينٍ الجُعْفي، فسأل عنه، فقال رجل: الساعةَ يَطلع من الثَّنيَّة، وإذا بحسينٍ قد طلع على حمارٍ أسود، فلمَّا حاذى هارون، قال الخادم: هذا هو يا أميرَ المؤمنين، فجاءه هارون فقبَّل يده ورجله، فلم يلتفتْ إليه، فقال له جعفر: يا شيخ، أتدري من يسلِّم عليك؟! هذا أميرُ المؤمنين، فالتفت حسين إلى هارونَ وقال: وأنت هو يا حسنَ الوجه؟! إنَّ اللهَ سائلك غدًا عن هذا الخَلقِ كلِّهم، فقعد هارونُ يبكي، ومضى حسين.

وقيل لسفيان بن عُيينةَ والفُضَيلِ بن عياض: قد قدم حسينٌ الجُعفي، فخرجا للقائه، فلمَّا رأياه قبَّلا يديه ورِجليه، وجعل الفضيلُ يبكي ويقول: بأبي وأمِّي، رجل علَّمني اللهُ القرآنَ علي يديه. ثم دخل المسجدَ فطاف بالبيت وصلَّى ركعتين، وأكبَّ الناسُ عليه.

وقيل: مات بمكَّة (٢) في ذي القَعدة سنةَ ثلاثٍ ومئتين (٣)، ودُفن بالمُعَلَّى.

حدَّث عن القاسم بنِ الوليد وغيرِه، وكان وَرِعًا صالحًا ثقة.

[قال ابنُ سعد:] (٤) أقام مؤذِّنًا بمسجد جُعفي بالكوفة ستِّين سنة، يؤذِّن ويُقرئ القرآن.

أسند عن لَيث بنِ أبي سُليم، والأعمش، وهشامِ بن عروةَ وغيرهم.


(١) في (خ): وقال بكر بن سماعة، والمثبت من (ب).
(٢) في طبقات ابن سعد ٨/ ٥١٩: بالكوفة.
(٣) وهو قول الأكثر، ومنهم من قال سنة ٢٠٤. انظر طبقات خليفة ص ١٧١، وتاريخه ص ٤٧١، والتاريخ الكبير ٢/ ٣٨١، والمعرفة والتاريخ ١/ ١٩٥، والمنتظم ١٠/ ١١٨، وتهذيب الكمال. والسير ٩/ ٤٠٠، وغير ذلك.
(٤) في طبقاته، وما بين حاصرتين من (ب).