للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلوة، وكلمة حقٍّ عند مَن يُخاف ويُرجى.

وقال: من طلب الرئاسةَ فرَّت منه، ومَن هرب منفي تَبِعَتْه.

وقال: ليس من المروءة أن يُخبرَ الرجلُ بسنِّه [أو بمولده] لأنَّه إن كان صغيرًا احتقروه، وإن كان كبيرًا استهرموه.

[قلت: وقد نُقل مثلُه عن مالك بن أنس، سأله سائل، فقال له: أَقبِلْ على شأنك، وذكره].

وقال: لو أنَّ الماء الباردَ ينقص من مروءتي ما شربتُه.

وقال: قَبول السِّعاية أقبحُ منها، لأن السعايةَ دلالة، والقبولَ إجازة، وليس من دلَّ على شيءٍ كمَن قَبِلَ وأجاز.

وقال الربيع: ذَكَرَ رجلٌ عنده محمدَ بن الحسن بكلمة سَفَه، فقال له: مَهْ، لقد تلمَّظت بمضغةٍ طالما لفَظَها الكرام. [وكان يحبُّ محمدًا ويثني عليه، وقد ذكرناه في ترجمة محمد] (١).

وقال الربيع: ما دخل الشافعيُّ بغدادَ إلَّا ومشى إلى قبر أبي حنيفةَ وزاره، ودعا عنده فتُقضى حاجتُه.

[وروى الخطيبُ عن] أبي نُعيم قال (٢): دخل الشافعيُّ يومًا دارَ هارون، فأَقعده سراجٌ الخادمُ ليستأذنَ له، وكان هناك [أبو (٣)] عبد الصمد مؤدِّب أولادِ الرشيد، فقال سراجٌ الخادم: هؤلاء أولادُ أميرِ المؤمنين، وهذا مؤدِّبهم، فلو أوصيتَه بهم. فأقبل الشافعيُّ على المؤدِّب وقال: إن أوَّلَ ما تبدأ به صلاح نفسك، فإنَّ أَعيُنَهم ممدودةٌ إليك، فالحَسَنُ عندهم ما تستحسنه، والقبيحُ ما تكرهه، علِّمهم كتابَ الله، ولا تُكرهْهم عليه فيملُّوه، ولا تَتْرُكْهم عنه فيهجروه، ثم روِّهم من الشِّعر أعفَّه، ومن الحديث أشرفَه، ولا تُخرجهم من علمٍ إلى غيره حتى يُحكموه، فإنَّ ازدحامَ الكلام في


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) في (خ): وقال أبو نعيم.
(٣) ما بين حاصرتين لم يرد في النسخ، واستدرك من المنتظم ١٠/ ١٣٩، وحلية الأولياء ٩/ ١٤٧، وتاريخ بغداد ٤/ ٣٠٦.