للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو عاصم: رأيت أبا حنيفةَ في المسجد الحرامِ يُفتي وقد اجتمع عليه الناسُ فآذَوه، فقال: ما ها هنا أحدٌ يأتينا بشُرْطيٍّ يفرِّق هؤلاء عنا؟ فدنوتُ منه وقلت: تريد شرطيًّا؟ قال: نعم، قلت: اقرأْ عليَّ هذه الأحاديثَ التي معي، فقوأها، فقمتُ عنه ووقفت بإزائه، فقال: وأين الشُّرطي؟ فقلت: لا أدري، قال: فأين ذهب قولُك؟ فقلت: أنا قلت لك: تريد شُرطيًّا؟ ولم أقل: إني أَجيبه، فقال: اُنظروا، أنا أحتال منذ كذا وكذا وقد احتال عليَّ هذا الصبيّ.

[واختلفوا في وفاته، فحكينا عن ابن سعدٍ أنَّه مات في سنة اثنتي عشرةَ ومئتين، وكذا قال خليفة. قال: وهو ابنُ تسعين سنةً وأربعةِ أشهر (١). وقال غيرُه: سنةَ ثلاثَ عشرةَ ومئتين، أو أربعَ عشرةَ ومئتين] (٢).

أسند عن [خلقٍ كثير؛ لأنه طاف الدنيا، فسمع بالحجاز] جعفرَ بن محمدٍ الصادق، ومالكَ بن أنس [وابن جُرَيج] وسليمان (٣) [وغيرَهم، وبالعراق] الثوريَّ (٤) [وشُعبة، وسعيدَ بن أبي العروبة، في آخرَين، وسمع بالشام الأوزاعيَّ وأقرانَه، وبمصرَ حَيوَةَ بن شُرَيح وطبقتَه].

وروى عنه [جَرير بن حازمٍ الجَهضمي، وعبدُ الله بن داودَ الخُرَيبي، وهما أكبرُ منه (٥)، و] الإمامُ أحمد بن حنبلٍ رحمةُ الله عليه، وابن المَديني [والأصمعي] (٦) ومحمد بن إسماعيل البخاري، وخلقٌ كثير.

واتفقوا على صدقه وثقتِه وأَمانته وديانته. و [روى ابنُ عساكرٍ (٧) عنه أنه] كان يقول:


(١) لم يصرِّح في الطبقات والتاريخ بهذا القول، بل ذكر ولادته سنة (١٢١ هـ) ووفاته سنة ٢١٢، فيكون عمره إحدى وتسعين عامًا تقريبًا.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب).
(٣) هو سليمان التيمي. ووقع في (خ): سليمان الثوري، وفوقها: كذا. ولم يذكر في (ب).
(٤) في (خ): وخلق كثير لأنه طاف الدنيا.
(٥) عبد الله بن داود من أقرانه، وستأتي ترجمته قريبًا. وانظر تهذيب الكمال.
(٦) وهو من أقرانه.
(٧) في تاريخه ٨/ ٤٥٣ (مخطوط)، وكذا نقل عنه البخاري في التاريخ الكبير ٤/ ٣٣٦. وما بين حاصرتين من (ب).