للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجرت له مع عبدِ الله بن طاهرٍ حكايةٌ عجيبة، رواها] السَّريُّ بن معاذٍ أميرُ الرَّي قال (١): كنتُ مع أبي، وكان قائدًا من قوَّاد عبدِ الله بنِ طاهر [وأنا غلام، فخرج عبدُ الله بن طاهرٍ إلى الشام ونحن معه، وكان قريبًا من شهر رمضان، فقال عبدُ الله بن طاهر: ها هنا أحدٌ من العلماء نسأله عن الإِفطار وعن الصيام؟ فإنَّا على ظهر سَفَر] فقيل له: ها هنا بالقُرب منك محمدُ بن يوسفَ الفِريابي صاحبُ سفيانَ الثوري.

فضرب بعسكره إلى باب دارِه، وكان له حاجبان، أحدُهما يقال له: عُزَير، والآخر: ميكال، وكانا على مقدِّمته، فتقدَّما على بابه، فأومأ إليهما عبدُ الله بن طاهرٍ أن ترفَّقا في قَرع الباب، فقرعاه ثمَّ وقفا مليًّا، فخرجت جاريةٌ تخدُم الفِريابي، فقالت: مَن أنتما؟ فقالا: قولي للشيخ: الأميرُ عبد اللهِ بنُ طاهرٍ بالباب.

[قال:] فمضت الجاريةُ فأطالت، ثمَّ عادت فقالت: يقول لكما الشيخ: ما حاجتُه؟ فتذمَّرا، فأومأَ إليهما ابنُ طاهرٍ أن اسكتا، وتقدَّم ابنُ طاهرٍ إلى الباب فقال لها: قولي للشيخ: يقول لك عبدُ الله بنُ طاهر: إنَّنا على سفر، وقد أظلَّنا رمضان، أفنصوم أم نُفطر؟ ما ترى في ذلك؟ [قال:] (٢) فمضت الجاريةُ ورجعت بعد هُنيَّة، فقالت: يقول لكم الشيخ: إنْ كنتم على سفرٍ في طاعة اللهِ فأنتم مخيَّرون بين الصومِ والإفطار، وإن كنتم على سفرٍ في معصية الله، فلا تجمعوا بين العصيانِ والإفطار.

فانصرف ابنُ طاهر، ثمَّ التفتَ إلى عُزير وميكال، وقال: هذا واللهِ العزّ، لا الذي نحن عليه.

* * *


(١) في (خ): وقال السري بن معاذ بن البري، والمثبت من (ب)، وهو موافق لما في المنتظم ١٠/ ٢٦٠.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب).