للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقاصير والخَدَمِ والجواري إلى وقتِ أن أَرجع [فلولا ما قال الأخطلُ لأقمت] (١):

قومٌ إذا حاربوا شدُّوا مآزِرَهم … دون النساءِ ولو باتتْ بأَطهارِ

ثمَّ خرج. فأصلح مسرورٌ حالها، فاعتلَّت الجارية علَّةً شديدة، أَشفق مسرورٌ عليها منها، وورد نَعْيُ المأمونِ بعد ذلك، فلمَّا علمت تنفَّست الصُّعَداء وماتت.

[قال علماءُ السِّير:] (٢) ولما وصل المأمونُ إلى تَكريت، قدم عليه محمدُ بن عليِّ بن موسى الرِّضا (٣) في صَفَر (٤)، فأجازه وأمره أن يدخلَ بابنة المأمونِ أمِّ الفضل، وكان زوَّجها منه، فقدم إلى بغداد، فدخل بها في دار أحمدَ بن يوسفَ التي على شاطئ دِجلة، وأقام بها [حتى جاء أوانُ الحجّ، فخرج بأهله وعياله، فشهد الموسم، وقدم المدينةَ وأَقام بها] وأمَّا المأمون، فإنَّه أتى الموصلَ وسار إلى حلبَ فنزل مَرجَ دابِق، ثم خرج إلى أَنطاكِيةَ، ثم إلى المَصِّيصة، ثم إلى طَرَسُوس، وكان دخولُه الدَّربَ في جُمادى الأولى، ودخل العباسُ بن المأمونِ من ناحية مَلَطْيَة، ونزل المأمونُ على حصنٍ [يقال له] (٥): قُرَّة، فحصره وفتحه عَنوة، وهدمه، وذلك في جُمادى الأولى، وكان قد افتتح قبلَه حِصنًا [يقال له:] ماجدة (٦)، فمنَّ على أهله.

وقدم أبو إسحاق المعتصمُ من مصرَ فوافى المأمونَ بالروم، وقيل: بالموصل.

وبثَّ المأمونُ عساكرَه في بلاد الروم، ففتحوا وغَنِموا، وخاف نزولَ الثلج، فعاد إلى حلب، ثمَّ سار إلى دمشقَ فأَقام بها.

وفيها ظهر قومٌ من الزُّطِّ بالبطائح التي عند واسط، وهي مغيضُ دجلةَ والفرات، وكانوا ثلاثين ألفًا (٧)، فقطعوا الطرقَ وسفكوا الدماءَ ما بين البصرةِ وواسط، فأرسل إليهم المأمونُ عيسى بنَ يزيدَ في جيشٍ كثيف، فالتقوه فهزموه، ولم يظفرْ منهم بطائل،


(١) في (خ): ثم قال. والبيت في ديوان الأخطل ص ١٢٠.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب).
(٣) الرضا وصف لعلي بن موسى.
(٤) في (ب): سفره، والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ٦٢٣.
(٥) ما بين حاصرتين من (ب). وانظر تاريخ الطبري ٨/ ٦٢٣.
(٦) في (خ): حصن ماجدة.
(٧) في المنتظم ١٠/ ٢٦٦: سبعة وعشرين ألفًا ومئتين.