فقَصُرت نفسي إليَّ، وغاظني، فقلت: سألتَ عن هذه الأمورِ، ويجوز ألا يكونَ عندك جوابُها كما لم يكن عندي، فإنْ كنتَ عالمًا بالجواب فقل؟! قال: نعم، أما الذي تزوَّجَتْ أمُّه، فتكتب إليه: أمَّا بعد، فإنَّ الأمور تجري من عند اللهِ من غير محبَّة عباده ولا اختيارهم، بل هو تعالى يختار لهم ما أَحبّ، وقد بلغني تزويجُ الوالدة، خار اللهُ لك في قبضها؛ فإنَّ القبورَ أكرمُ الأزواج، وأسترُ للعيوب، والسلام.
وأما قَراح: قاتل [قثا] فتمسح العمود، حتى إذا صار عددًا في يدك ضربتَه في مثله ومثلِ ثُلثه، فما خرج فهو مساحتُه.
وأمَّا الجاريةُ والغلام، فيوزن اللَّبنان، فأيُّهما كان أخفّ، الجاريةُ له.
وأمَّا المرتزقان والمتوافقا الاسمَين، فإنَّه إذا كان الشَّقُّ في الشَّفة العليا كتبتَ: فلانٌ الأعلم، وإذا كان في الشَّفة السُّفلى كتبت: فلانٌ الأَفلح.
فقلت: يا شيخ، ألست زعمتَ أنَّك حائك؟! قال: أنا - أصلحك الله - حائكُ كلام، ولست بحائك نسَّاجة، ثمَّ أنشأ يقول:[من مجزوء البسيط]
ما مرَّ بؤسٌ ولا نعيمٌ … إلَّا ولي فيهما نصيبُ
نوائبُ الدَّهرِ أدَّبتني … وإنَّما يوعَظ اللَّبيب
قد ذُقتُ حُلْوًا وذقتُ مُرًّا … كذاك عيشُ الفتى ضُروب
قلت: فما الذي أرى بك من سوءِ الحال؟ فقال: أنا رجلٌ دامت عطلتي، وكثرت عَيلتي، وتواصلت مِحنتي، فخرجت أطلب التصرُّف، فقُطع عليَّ الطريق، فتُركت كما تراني، فمشيت على وجهي، فلمَّا لاح لي الزلَّال استغثتُ بك.
قلت: فإني قد خرجتُ إلى تصرُّف جليل، أَحتاج فيه إلى جماعةٍ مثلِك، وقد أمرتُ لك عاجلًا بخِلعة حسنةٍ وخمسةِ آلاف درهمٍ تُصلح بها أَمرَك، وتُنفِذ منها إلى عِيالك، وتصير معي إلى عملي، فأولِّيك أجلَّه.
فقال: أحسن اللهُ جزاءك، إذن تجدني بحيث يسرُّك، فانحدر معي، فجعلتُه المناظرَ