للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنةٍ (١) ألفَ ألفِ درهمٍ وزيادة، وقدم من المدينة وافدًا على المعتصم ومعه امرأتُه أمُّ الفضل بنتُ المأمون، فأَكرمه المعتصمُ ووصله، ولما زوَّجه المأمون ابنتَه كان عُمُرُه سبعَ سنين.

وقال العُتْبي: إنما سُمِّي الجَوَادَ لما حكى بعضُ العَلَويين قال: كنتُ أهوى جاريةً بالمدينة ويدي تَقصُر عن ثمنها، فشكوتُ ذلك إلى محمد بنِ عليِّ [بن موسى الرِّضا] (٢) فقال: ولمن هي؟ فأخبرتُه، فلمَّا كان بعد أيامٍ سألتُ عن الجارية، فقيل لي: بيعت، قلت: ومَن اشتراها؟ قالوا: لا ندري -وكان محمدٌ قد اشتراها سِرًّا- قال: فزاد قلقي، فأتيتُ إليه فقلت له: بيعت فلانة، فقال: ومَن اشتراها؟ قلت: لا أدري، قال: هل لك في الفَرْجة؟ قلت: نعم.

فخرجنا إلى ظاهر المدينةِ إلى قصرٍ له عند ضَيعةٍ فيها نخْلٌ وشجر، وقد قدم من الطَّعام ما شاء، فلمَّا صرنا إلى القصر، دخل وأَخذ بيدي وأخذ يقول: بيعت فلانةُ وما تدري مَن اشتراها؟ وأنا أبكي وأَقول: نعم، حتى انتهى بي إلى بيتٍ على بابه سِترٌ وفيه جاريةٌ جالسة على فُرُشٍ لها قيمة، فرجعتُ، فقال: واللهِ لَتدخلَنّ، فدخلت، وإذا بالجارية التي كنت أُحبُّها، فبُهِتُّ وتحيَّرت، فقال: أتعرفها؟ قلت: نعم، هي فلانة، فقال: هي لك والقصرُ والضَّيعة والغَلَّة وجميعُ ما في القصر، فأَقِم معها بحياتي اليوم، وكلْ هذا الطعامَ واقضِ من الجارية وَطَرَك، ثم خرج فقال لأصحابه: أما طعامُنا فقد صار إلى غيرنا، فجدِّدوا لنا طعامًا، ثم دعا الأَكَّارَ (٣) فعوَّضه عن حقِّه من الغَلَّة حتى صارت لي تامَّة، وتركني ومضى إلى المدينة، فقبضتُ الجاريةَ والجميع.

ذِكْرُ وفاتِه:

[قال الخطيب:] توفِّي يومَ الثُّلاثاء لخمسِ (٤) ليالٍ بقين من ذي الحِجَّة سنةَ تسعَ


(١) بعدها في (ب): ما كان يعطيه لأبيه الرضا. وفي المنتظم ١١/ ٦٢ أن الرشيد كان يجري على علي بن موسى بن جعفر في كل سنة ثلاث مئة ألف درهم، ولنزله عشرين ألف درهم في كل شهر، فقال المأمون لمحمد بن علي بن موسى: لأزيدنك على مرتبة أبيك وجدك، فأجرى له ذلك ووصله بألف ألف درهم.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب)، وانظر المنتظم.
(٣) الأكار: الحرَّاث.
(٤) وفي رواية ثانية عنده ٤/ ٩٠: لستّ. وما بين حاصرتين من (ب).