للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لما اهتدوا إلى وصفها أبدًا، ولو عمدوا إلى أي بقرة فذبحوها أجزأهم، ولكن شدَّدوا فشدَّد الله عليهم" (١).

﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ﴾ أي: غير مذلَّلة - بالعمل ﴿تُثِيرُ الْأَرْضَ﴾ بالزراعة أي: تقلبها ﴿وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ﴾ من العيوب ﴿لَا شِيَةَ فِيهَا﴾ أي: بياض وسواد مختلف اللون ﴿قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ﴾ أي: بالبيان التامّ ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ [البقرة: ٧١] فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: لغلاء ثمنها فإنها بلغت مالًا عظيمًا.

والثاني: مخافة الفضيحة أن يكون القاتل منهم.

والثالث: وما كادوا يفعلون باجتماع أوصافها.

وقال ابن عباس: طلبوها فلم يجدوها إلا عند الفتى البار بوالديه (٢)، وكانت له عجلة قد خلَّفها له أبواه في غيضة، وقصتها طويلة، وقد ذكرناها في "التفسير".

حاصلها: أنهم اشتروها منه بملء جلدها ذهبًا، وقيل: بوزنها عشر مرات ذهبًا ﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا﴾ يعني: القتيلَ.

واختلفوا في البعض:

قال ابن عباس: بلسانها.

وقال مقاتل: بعجب ذنبها.

وقال مجاهد: بغضروفها، وهو أصل أذنها، والقولان الأولان أصح. أما اللسان فلأنه آلة الكلام، وأما عَجْب الذنب فجميع ما في الحيوان يبلى إلا هو فإنه يبنى منه الجسد كما تبنى السفينة على الخشبة الأولى.

فلما ضربوه قام حيًّا تشخب أوداجه فقال: فلان قتلني، ثم وقع ميتًا، فقتلوا قاتله.

فإن قيل: فقد قال ابن عباس: أقاموا في طلبها أربعين سنة حتى وجدوها قلنا:


(١) أخرجه الطبري (١١٧٤) و (١٢٣٥) و (١٢٤٥ - ١٢٤٦) وابن أبي حاتم (٦٩٨) موقوفًا على ابن عباس، وانظر عرائس المجالس ٢٣٥، وتفسير ابن كثير.
(٢) في (ب): "بأمه".