للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

، الكوفيُّ الإمام الحافظ، من الطبقة السابعة.

ولد سنة ثلاثين ومئة، وقيل: سنة تسع وعشرين. وبرع في العلم، وسمع الأئمَّة، وهو أحد العلماء المشهورين بعلم الحديث والمتقدِّمين فيه.

وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله عليه: قام أبو نعيم لله بأمرٍ لم يقم به أحد.

وكان قد امتحن بالكوفة على أنْ يقولَ: القرآنُ مخلوق، فقال: أدركتُ بالكوفة سبع مئة شيخ منهم الأعمش فمن (١) دونه يقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق، والله إنَّ عنقي عليَّ أهونُ من زرِّي هذا، ثم قطع زرَّه فألقاه.

وقال عبد الصَّمد بن المهتدي (٢): لمَّا دخل المأمون بغداد، نادى بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك لأنَّ الشيوخَ كانوا يَضْرِبون ويَحْبِسون ببغداد، فنظر إلى جنديِّ قد أدخل يديه بين فَخِذي امرأة، فزجره أبو نعيم، فحمله إلى صاحب الشرطة، فأخبر المأمونَ، فأحضره عنده، قال أبو نُعيم: فدخلتُ عليه وقد صلَّى الغداة، وهو جالسٌ يسبِّح، فسلَّمتُ عليه، فردَّ ردّا خفيًّا شبه الواجد، ودعا بَطسْتٍ وإبريقٍ، وقال: توضَّأ، فتوضأت على ما روى عبدُ خير عن عليٍّ -يعني ثلاثًا ثلاثًا- ثمَّ دعا بحصير، فصلَّيت ركعتين، فقال: اقعد، فقعدت، فقال: ما تقول في رجلٍ مات وخلَّف أبوين؟ قلت: لأمِّه الثلث، وما بقي لأبيه، قال: فإن خلَّف [أبويه وأخاه؟ قلت: المسألة بحالها، وسقط الأخُ. قال: فإن خلَّف] (٣) أبوين وأخوين؟ قلت: المسألة بحالها ويسقط الأخوان، قال: في قول الناس كلِّهم؟ قلت: لا؛ فإنَّ جدَّك ابن عباس ما حَجب الأمَّ عن الثلث إلَّا بثلاثة إخوة، فقال: يا هذا من نهى مثلك أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، إنَّما نهينا أقوامًا يجعلونَ المعروفَ منكرًا. ثم خرجت.


(١) في (خ) و (ف): فما. والمثبت من تاريخ بغداد ١٤/ ٣١٠، ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص ٤٨١، والمنتظم ١١/ ٤٧.
(٢) في (خ) و (ف): المهدي. والتصويب من تاريخ بغداد ١٤/ ٣١١، وسير أعلام النبلاء ١٠/ ١٥٠، وتاريخ الإسلام ٥/ ٤٢٣.
(٣) ما بين حاصرتين من سير أعلام النبلاء ١٠/ ١٥٠، وتاريخ الإسلام ٥/ ٤٢٤. ونقل الذهبي فيهما عن "مرآة الزمان". وأخرج القصة الخطيب في تاريخ بغداد ١٤/ ٣١١.