للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى: "لا أبرح" قال مقاتل: أي: لا أزال أسير، و"مجمع البحرين": ضفتاهما. واختلفوا في مجمع البحرين:

قال قتادة: البحر الرومي والشرقي، فالشرقي بحر فارس والرومي هو الغربي، وقال أبيُّ بن كعب: اجتمعوا بإفريقيَّة.

والثاني: بطَنْجَة، قاله محمد بن كعب القُرَظيُّ.

والثالث: أن المراد بالبحرين موسى والخضر، قاله مقاتل ورواه عن عليّ .

قال ابن عباس: وكان السبب في اجتماع موسى بالخضر أنه لما ظهر موسى وقومه على فرعون وقومه وأورثهم أرضهم وديارهم قام موسى فيهم خطيبًا، فذكّرهم بنعم الله عليهم قال: وكلَّم الله نبيّكم (١) تكليمًا واصطفاني لنفسه وألقى عليَّ محبة منه، فقال رجل: قد علمنا ما تقول، فهل على وجه الأرض أحد أعلم منك؟ فقال: لا، ولم يقل: فيما أعلم، قال مجاهد: فبعث الله إليه جبريل فقال: بلى لي عبد بمجمع البحرين هو أعلم منك، وما يدريك أين أضع علمي؟ قال: يا رب وأين هو؟ قال: اطلبه على شاطئ البحر تجده هناك.

وقد اختلفت الروايات في القصة، فنبدأ بما ذكر في الصحيح فنقول:

قال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد بإسناده عن ابن عباس أنه تمارى هو والحارث بن قيس بن حِصْن الفَزَارِيُّ في صاحب موسى فقال ابن عباس: هو الخضر، فمرّ بهما أُبيّ بن كَعْب فدعاه ابن عباس فقال له: يا أبا الطُّفيل هلمَّ إلينا فإني قد تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل موسى السبيل إلى لُقِيِّه، فهل سمعت رسول الله يقول أو يذكر في شأنه؟ فقال. سمعت رسول الله يقول: "بينما مُوسى في ملأ مِن بني إِسرائيلَ إذْ جَاءَه رجل فقال: هَلْ تَعلمُ أحَدًا أعلمُ مِنك؟ قال مُوسى: لا، فأَوْحى الله إليه: بَلَى عَبْدُنا الخضِر، فسألَ مُوسى السَّبيلَ إلى لُقْياه فجَعَلَ الله له الحوتَ آيةً"، وفي رواية: "وقيلَ له: إذا فَقَدْتَ الحوتَ فارْجعْ فإنَّك


(١) في (ب): "موسى".