للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أذربيجان، فشغفَ بها رجلٌ من النبط من أهل السواد (١)، فواقعها، فحملت به، [وكان اسمُ الرجل عبد الله، فقتلَ وبابك حملٌ، فوضعته، وجعلت] (٢) تكتسب له إلى أن بلغ، فاستأجره أهلُ قريته بطعامه وكسوته على رعي أغنامهم، وكان بتلك الجبال قومٌ من الخرَّمية، وعليهم رئيسان، يقال لأحدهما: جاوندان، والآخر: عمران، [وكانا] يتكافحان، فمرَّ جاوندان بقرية بابك، فتفرَّس فيه الجلادة، فاستأجره من أمِّه، وحملَه إلى ناحيته، فعشقته امرأةُ جاوندان، فأفشت إليه أسرارَ زوجها، وأطلعته على دفائنه، فلم يلبث إلَّا قليلًا حتى وقع بين جاوندان و [بين] عمران حربٌ، فأصابت جاوندان جراحةٌ فمات، فزعمتِ امرأتُه أنَّه قد استخلف بابك [على أمره، فصدَّقوها، فجمع] أصحابه، وأمرَهم أن يقتلوا بالليل من لقوا من رجلٍ أو صبيٍّ (٣)، فأصبح الناس قتلى لا يُدرى من قتلهم، ثُمَّ انضوى إليه الذُّغَّار (٤) وقطاع الطريق، حتى صار عنده عشرون ألف فارس، وأظهر مذهبَ الباطنيَّة، واحتوى على مدنٍ وحصونٍ، فأخرب الحصون.

ولمَّا ولي المعتصم بعثَ أبا سعيد محمد بن يوسف إلى أردبيل، وأمره أن يبني الحصونَ التي أخربها بابك، فبناها، ثم بعثَ إليه الأفشين، فحصره وقاتله وأسره على ما ذكرنا [وقدم به إلى سُرَّ من رأى، فأتى المعتصم وابن أبي دؤاد إليه ليلًا، فأبصره،] فلمَّا كان [يوم الإثنين أو الخميس] في صفر قعد المعتصم، [واصطف النَّاس من قصر الأفشين في المطيرة إلى باب المطيرة،] (٥) وأراد [المعتصم] أن يشهرَه لتراه الناس، فأركبه فيلًا، وألبسه قَباءً من ديباجٍ وقلنسوة سمّور، وهو وحده، وقد خضب الفيل بالحناء، فقال محمَّد بن عبد الملك الزيَّات: [من السريع]


(١) بعدها في (خ) و (ف): اسمه عبد الله.
(٢) في (خ) و (ف): فلما وضعته جعلت …
(٣) في (ب) -وما سلف بين حاصرتين منه-: من امرأة أو صبي. وفي البدء والتاريخ ٦/ ١١٦: فلا يدعون رجلًا ولا امرأة ولا صبيًّا ولا طفلًا.
(٤) في (خ) و (ف): الزراع. وفي (ب): الذراع. والمثبت من البدء والتاريخ ٦/ ١١٦.
(٥) ما بين حاصرتين من (ب). وفي تاريخ الطبري ٩/ ٥٢، والكامل ٦/ ٤٧٧: واصطف الناس من باب العامَّة إلى المطيرة.