للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن كان إبراهيم مُضْطَلعًا بها … فلتصلُحَنْ من بعده لمُخَارقِ (١)

وبويعَ بالخلافة سنة اثنتين ومئتين، فلمَّا قدم المأمون من خراسان استتر، فأقام في استتاره ستَّ سنين وأربعة أشهر وعشرة أيام، وكان ينتقلُ في المواضع حتَّى ظفر به المأمون وعفا عنه، [وقد ذكرنا تفاصيل ذلك،] ولم يزل على الإكرام عند المأمون والمعتصم حتَّى تُوفِّي [في هذه السنة، والله أعلم.

ذكر طرف من أخباره:]

ولي [إبراهيم] إمرةَ الحجِّ [في] سنة أربعٍ وثمانين ومئة، و [قال الحافظ ابن عساكر:] ولَّاه أخوه هارون دمشق، وكان قد تنكَّر له، فرأى إبراهيم أباه المهديَّ في المنام، فشكا أخاه هارون إليه، فقال له أبوه: إنَّه قاضٍ عنك دَينَكَ وموليك دمشق، ورأى هارونُ أباه في تلك الليلة وهو يعاتبه فيه، فأصبح فقضَى دَينَه وولَّاه دمشق، فساس اليمانية والمضرية، وأحسنَ إلى الفريقين، فأحبَّوه (٢)، وأقام واليًا على دمشق سنتين، ثمَّ بلغه عنه أنَّه قد احتجبَ وأنَّه اصطبح، فعزله وهجره سنةً، ثمَّ رضي عنه (٣).

وقال محمَّد بن القاسم بن مهرويه: قلَّ ما عند إبراهيم وهو خليفة، فاجتمع الغوغاء الأعرابُ على بابه، فخرج الحاجب [وصرَّح لهم أنَّه لا مال عنده،] (٤)، فقال بعضهم: إذا لم يكن عنده شيءٌ، فقل له: فليخرج فليغنِّ [لأهل هذا الجانب] (٥) ثلاثةَ أصوات، ولأهل ذلك الجانب ثلاثة أصوات، وقد رضينا، فقال دعبل: [من السريع]

يَا معشرَ الأعرابِ لا تسخطُوا … خُذُوا عطاياكم ولا تقنطُوا

فسوف يعطيكم حنينيةً … لا تدخل الكيسَ ولا تُرْبَطُ

والمعبديَّات لقُوَّادكم … وما بهذا أحدٌ يُغْبَطُ

فهكذا يَرزقُ أجنادَه … خليفةٌ مصحفه البَرْبَطُ (٦)


(١) تاريخ بغداد ٧/ ٧٠ - ٧١، والبيت في ديوان دعبل ص ١٩٨. والبيت ليس في (ب).
(٢) من قوله: وكان قد تنكر له … إلى هنا ليس في (ب).
(٣) تاريخ دمشق ٢/ ٥١٤، ٥١٥ - ٥١٩ (مخطوط).
(٤) ما بين حاصرتين من تاريخ بغداد ٧/ ٧١، وتاريخ دمشق ٢/ ٥٢٢.
(٥) في (خ) و (ف): فيلعن له؟! والمثبت وما بين حاصرتين من المصدرين السابقين.
(٦) تاريخ بغداد ٧/ ٧١، وتاريخ دمشق ٢/ ٥٢٢، والأغاني ٢٠/ ١٤٩ - ١٥٠، وديوان دعبل ص ١٧٥.