للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَمعتُ أطبّاءُ البلادِ فلم يُصِبْ … شفاءكَ منهم يا حبيبُ طبيبُ

ولم يملك الآسونَ دفعًا لمهجةٍ … عليها لأشراك المَنونِ رقيبُ

فما لي إلَّا الموتُ (١) بعدك راحةٌ … وليس لنا في العيشِ بعدك طِيبُ

وإنّي وإن قُدِّمتَ قبلي لَعالِمٌ … بأنّي وإن أبطأتُ عنك قريبُ

وإنَّ صباحًا نلتقي في مسائه … صباحٌ إلى قلبي الغداةَ حبيبُ (٢)

[وكان موتُ ابنه في البصرة.

وحكى الخَطيب عن خالد بن يزيد الكاتب قال: أضقتُ إضاقةً شديدةً حتَّى عَدِمتُ القوتَ، فلمَّا كان بعض الليالي إذا الباب يدقُّ، فخرجت فإذا رجلٌ راكبٌ على حمار، وعليه طيلسانٌ أسود، ومعه خادمٌ، فقال: أَنْتَ القائل [من المنسرح]:

أقولُ للسُّقم عُدْ إلى بدني (٣) … حبًّا لشيءٍ يكون من سببك

قلت: نعم، فقال: أحبُّ أن تنزل عنه، فقال: وهل ينزل الإنسان عن ولده؟! فتبسَّم وقال: يَا غلام، أعطِهِ ما معك، فدفعَ إليه صرَّةً مختومةً، فقلت: لا أقبل عطاءَ مَن لا أعرفه، قال: خذها، فأنا إبراهيمُ بن المهدي، فقبَّلتُ ركابه وأخذتُها (٤)، وإذا فيها ثلاث مئة دينار. وسنذكر خالد بن يزيد في سنة اثنتين وستين ومئتين.]

وقال إبراهيم العتبيّ: تنازع إبراهيم بن المهديّ وابن بختيشوع الطبيب بين يدي أَحْمد بن أبي دؤاد في عقارٍ بالسَّواد، فاستطال عليه إبراهيمُ بالكلام، فقال له أَحْمد: يَا إبراهيم إذا نازعتَ أحدًا في مجلس الحكم فلا ترفعنَّ عليه صوتًا، ولا تشيرنَّ إليه بيدٍ، وليكن قَصدُك أَممًا، وطريقُك نهجًا، ووفِّ بمجلس الحكم حقَّه من التوقير والتعظيم؛ فإنّه أشبه بمذهب الحق، [ولا تعجل] (٥) فرب عجلةٍ أورثت رَيثًا، والله يعصمُك من


(١) في (خ) و (ف): الحزن. والمثبت من المصادر.
(٢) أشعار أولاد الخلفاء من كتاب الأوراق للصولي ص ٤٤ - ٤٥، والتعازي والمراثي ص ١٥٣ - ١٥٦، والكامل للمبرد ٣/ ١٣٨٣ - ١٣٨٥، وتاريخ دمشق ٢/ ٥٣٢ - ٥٣٣ (مخطوط). وفيها زيادة ونقص واختلاف يسير.
(٣) لفظة: بدني. ليست في (ب) وأضفتها من المصادر.
(٤) تاريخ بغداد ٩/ ٢٥٥ - ٢٥٦، وتاريخ دمشق ٦/ ٥٢٥ (مخطوط)، وما بين حاصرتين من (ب).
(٥) ما بين حاصرتين من العقد الفريد ١/ ٨٥، وزهر الآداب ١/ ٢٠٥.