للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يعمِّي عليك الأخبارَ، وشغبَ ببغداد أهلُ بيتك، فأردتُ ضبطَ هذا الأمر إلى أن تقدم، فأسلمها لك.

فأسفر وجهُ المأمون، وقال: عليَّ بنافذ الخادم، فحضرَه، فقال: ورقةٌ دفعتها إليك بمروٍ قبل رحيليِ عنها، وأمرتُك بحفظها وقت أريدها، فمضى وعاد وهي معه بخطِّ المأمون يقول: لئن أظفرني الله بإبراهيم بن المهدي لأسالنَّه بحضرة الأولياء والخاصَّة من أهل بيتي وقوَّادي عن السبب الذي دَعاه إلى الخروج عليّ، فإنْ ذكر أنَّ هذا الأمر عليَّ وعلى أهل بيتي لما جرى في أمر علي بن موسى الرضا، لأخلينَّ سبيلَه ولأحسننَّ إليه، وإن ذكر غير ذلك ضربتُ عنقه.

ثمَّ ناولَ إبراهيمَ الرقعةَ فقرأها، فقال له: يَا عم، عد إلى المجلس الذي خلفتك فيه، وقام المأمون، وعُدنا إلى مجلسنا، وإذا بالمأمون قد عَادَ بثياب المنادمة، فقال: ارجعوا إلى ما كنّا فيه (١).

ذكر وفاته:

قال الصوليّ: بويع بالخلافة ببغداد يوم الجمعة لخمسٍ خلون من المحرَّم سنة إحدى أو اثنتين ومئتين في داره المنسوبة [إليه] بسوق العطش، وسموه المبارك، وقيل: المرتضى (٢)، فكانت خلافته إلى أن استتر سنةً واحد عشر شهرًا، [وأقام مستترًا ستَّ سنين وأربعة أشهر وأيَّامًا،] وظفر به المأمون في سنة عشرين ومئتين، وبقيَ حيًّا إلى هذه السنة، فتوفي يوم الجمعة لسبعٍ خلونَ من رمضان بعلَّة العطش.

[قال الصولي:] وكانَ يشربُ الماء ولا يَروى، فماتَ وهو عطشان، وله ثمان وخمسون سنة، وصلَّى عليه المعتصم، ثم قال لولده الواثق [هارون]: قف عند قبره حتَّى تواريه، فوقفَ ودلَّاه في قبره، فلمَّا فرغ منه سأل أهله وابنه هبة الله: هل أوصى بشيء؟ قالوا: نعم، أوصى أن يفرَّق مالٌ عظيم في أولاد الصَّحَابَة إلَّا أولاد عليِّ بن أبي طالب ، [فإنَّه أوصى أن لا يفرَّق فيهم شيء،] قال: ولم؟ فقال بعض


(١) الفرج بعد الشدة ٣/ ٣٤٧ - ٣٥٠. والخبر بطوله ليس في (ب).
(٢) كذا، وفي تاريخ بغداد ٧/ ٦٩، وتاريخ دمشق ٢/ ٥٢١ (مخطوط)، والمنتظم ١٠/ ١٠٧: المرضي.