للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البصرة، فقطع عامَّةَ متكلِّميها، فمضيتُ إليه، فوجدته يقرِّرُ نبوَّة موسى ، ويجحدُ نبوَّة نبيِّنا محمَّد ، ويقول: قد تساعدنا على نبوَّة موسى، وأنا لا أوافقكم على نبوَّة غيره، وقد بشَّر نبيُّكم به. ولم يكن عند أحدٍ جوابٌ.

فقلت له: إنْ كان موسى الذي تشيرُ إليه هو الذي أخبر عن (١) نبيِّنا وأمرنا باتِّباعه، فنحن نؤمنُ به، وإن كان موسى الذي أشرفَ إليه لا يقرُّ بنبوَّة نبيِّنا ويجحدُه، فلسنا نعرفُه، فتحيَّر وقال: ما تقول في التوراة؟ فقلت: الجوابُ واحد، إن كانت أُنزِلت على موسى الذي أقرَّ بنبيِّنا فهي حق، وإلَّا فهي باطل، فتقدَّم إلى وسارَّني وشتمني أقبحَ شتم، وظنَّ أنِّي أثبُ به، فيقول: ضربوني، فتأخَّرتُ عنه وقلت للحاضرين: قد سمعتم جوابي وظهر عجزه وانقطاعه، وإنه سارَّني وشتمني شتمًا يجب به الحدُّ عليه، فأخذَتْه النعالُ، وخرجَ هاربًا من البصرة.

وقال المأمون لحاجبه: أخرج فانظر مَنْ بالباب من المتكلمين، فخرج وقال: أبو الهذيل المعتزليّ، وعبد الله بن إباض الخارجيّ، وهشام بن الكلبي الرافضيّ، فقال المأمون: ما بقيَ من رؤساء جهنَّم أحدٌ إلَّا وقد حضر.

وقال الخَطيب: شربَ أبو الهذيل عند ابنٍ (٢) لعثمان بن عبد الوهَّاب، فراود غلامًا في الكنيف، فضربَهُ الغلامُ بتورٍ سفاذرويه (٣) في رأسه، فدخلَ في رقبته، وصار مثل الطوق، فبعثوا إلى حدَّادٍ ففكَّه عن رقبته.

وقال: إنَّه تُوفِّي في سُرَّ مَنْ رأى في هذه السنة، وقد أتت عليه مئة وأربع سنين (٤).

ووهم الخَطيب. وقال أبو الفرج الجوزي : إنَّه مات سنة خمسٍ وثلاثين ومئتين (٥).


(١) في (خ) و (ف): عنه. انظر تاريخ بغداد ٤/ ٥٨٤ والخبر فيه.
(٢) في (خ) و (ف): ابنا. والمثبت من تاريخ بغداد ٤/ ٥٨٦.
(٣) في (خ) و (ف): اسيادروه. والمثبت من تاريخ بغداد ٤/ ٥٨٦، قال محققه: سفاذرويه: كلمة فارسية تشير إلى نوع هذا الإناء.
(٤) تاريخ بغداد ٤/ ٥٨٦.
(٥) المنتظم ١١/ ٢٣٦. وانظر أَيضًا ترجمته في وفيات الأعيان ٤/ ٢٦٥، ولسان الميزان ٧/ ٥٦١، وسير أعلام =