للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العيونَ عليها، فلمَّا دخلَ منزلها أحاطوا به، وكانت المرأة بادنةً، فأدخلته بين ثوبها وظهرها، ولصق بها، وهي قاعدة، فلم يروه، ودخلوا البيت، فطافوا، فلم يجدوا شيئًا، وهي تعنِّفُهم حتَّى انصرفوا، والرجل يقول: [من الطويل]

مكانكِ حتَّى تنظري عمَّ تنجلي … غمامةُ هذا البارق المتألِّقِ (١)

وهذا البيت من الحماسة وأول الأبيات:

أقولُ لنفسي حين خَوَّدَ رَأْلُها … مكانَكِ لمَّا تُشفقِي غير مشفقِ (٢)

وكوني مع التالي سبيلَ محمدٍ … وإنْ كَذَبَتْ نفسُ المقصِّر فاصدُقي

لعمرُك ما أهلُ الأقيداع (٣) بعدما … بلغنا ديارَ العِرْضِ عنَّا (٤) بمخلقِ

نقاتلُ عن (٥) أبناء بكر بن وائل … كتائبَ تَرْدِي في حديدٍ وَيلْمَقِ

إذا قال سيفُ الله كُرُّوا عليهم … كررنا ولم نحفلْ بقولِ المُعَوِّقِ (٦)

وقال المدائني: هوي بعضُ المسلمين جاريةً بمكَّة، فراودها عن نفسها، فامتنعت عليه، فأنشدها: [من الطويل]

سألتُ عطا (٧) المكيَّ هل في تعانق (٨) … وقبلةِ مشتاق الفؤادِ جناحُ

فقال معاذَ الله أن يُذهبَ التُّقى … تلاصقُ أكبادٍ بهن جراحُ


(١) الفرج بعد الشدة ٤/ ٤٢٢. ورواية البيت فيه
رويدك حتَّى تنظري عمَّ تنجلي … عمايةُ هذا العارض المتألِّق
(٢) يقال: خوَّد رأله: للمذعور المرتاع، والرَّأل فرخ النعام، والتخويد ضرب من السير سريع. ومعنى البيت: إني أثبت نفسي عندما يبده من ذعر الحرب ويفجأ من روعة القتال، فأخاطب نفسي إذا همَّت بالإحجام: الزمي مكانك. انظر شرح الحماسة للمرزوقي ١/ ٣٦٥.
(٣) الأقيداع: موضع في ديار بني أسد. وهذا البيت والذي بعده ليسا في الحماسة، وأوردهما البكري في معجم ما استعجم ١/ ١٨١ ونسبهما لضرار بن الأزور.
(٤) في معجم ما استعجم: مني. بدل: عنا
(٥) كذا في (خ) و (ف)، وفي معجم ما استعجم: من. بدل: عن.
(٦) انظر الحماسة ١/ ١٩٠ (شرح التبريزي)، ونسب الأبيات فيها لرجل من بني أسد، وكذا نسبهما ابن عساكر في تاريخه ٥/ ٥٦٥ (مخطوط) وعنده البيتان الثالث والخامس.
(٧) في أخيار النساء ص ٣٤: الفتى.
(٨) في أخبار النساء: تزاور.