للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهدتُ لقد أَقوت مغانيكُم بعدِي … الأبيات

فخجل دعبل، فقال له الحسن: قد مات الآن، وقد كنتَ تعادِيه حسدًا له على حظِّه من الدنيا، فتبِ الآن من ذكره، [فقال: أصدقك يا أبا عليّ،] (١) ما كان بيني وبينه إلَّا أنَّني سألتُهُ أن ينزل عن شيءٍ من شعره، فاستحسنَه فبخلَ (٢) به عليَّ. فعجب ابنُ وَهْب من اعترافه.

وقال المهلبيُّ: ما كان أحدٌ يقدرُ في زمن أبي تمَّام أنْ يأخذَ درهمًا على الشعر، فلمَّا مات اقتسمَ الشعراءُ ما كان يأخذه (٣).

حدث أبو تمَّام عن صهيب (٤) بن أبي الصهباء وغيره، وروى عنه خالد بن يزيد الشاعر وغيره.

وقال خالد بن يزيد الكاتب: بينا أنا مارٌّ بباب الطَّاق، وإذا براكبٍ خلفي على بغلةٍ، فلمَّا لحقني نخسني بسوطه، وقال: يا خويلد أنت القائل: [من المتقارب]

رقدتَ فلم ترثِ للساهر … وليلُ المحبِّ بلا آخر

فقلت: نعم، فقال: لله درُّك، وصفَ امرؤ القيس في ثلاثة أبيات الليلَ الطويل، وكذا النابغةُ وبشار بن برد، وبَرَّزْتَ عليهم أنتَ بشطر كلمة؟! فقلت: بيِّن ما تقول، قال: أمَّا امرؤ القيس فقال: [من الطويل]

وليلٍ كموجِ البحرِ أَرْخَى سُدُولَه … عليَّ بأنواعِ الهموم ليبتلي

فقلتُ له لمَّا تمطَّى بصدره … وأردفَ أعجازًا وناءَ بكَلْكَلِ

ألا أيُّها الليلُ الطويلُ ألَا انجلي … بصُبحٍ وما الإصباحُ منك بأمثلِ (٥)

وأمَّا النابغةُ فقال: [من الطويل]


(١) ما بين حاصرتين من الأغاني ٢٣/ ١١٦، ومكانها في (خ) و (ف): فكان.
(٢) في الأغاني: إلا أني سألته عن شيءٍ استحسنته من شعره فبخل …
(٣) الأغاني ١٦/ ٣٨٨.
(٤) تحرفت في (خ) و (ف) إلى مهلب. والتصويب من تاريخ دمشق ٤/ ١٥٢ (مخطوط)، وانظر تاريخ بغداد ٤/ ١٦٥ - ١٦٦.
(٥) ديوان امرئ القيس ص ١٨.