للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (١)

ولا يجوز عليه نوم لوجوه:

أحدها: لئلا يرجعَ الداعي عن بابه خائبًا.

والثاني: لأنَّ النوم غفلة والباري منزه عنها.

والثالث: لأن الله يمسك السماء بغير عمد ولا عِلاقة، فلو نام لوقعت على الأرض؛ وقال أبو إسحاق الثعلبي (٢) بإسناده عن عكرمة عن أبي هريرة قال: سمعت النبيّ يحكي عن موسى على المنبر قال: "وقع في نفس موسى هل ينام الله تعالى؟ فأرسل إليه ملكًا فأَرَّقهُ ثلاثًا وأعطاه قارورتين، في كلِّ يدٍ قارورة، وأمره أن يتحفَّظ بهما، قال: وجعل ينام وتكاد يداه تلتقيان فيحبس إحداهما على الأخرى، حتى نام نومةً فاصطكت يداه فانكسرت القارورتان؛ قال: فضرب الله مثلًا أنه لو نام لم تستمسك السماوات والأرض" (٣).

والرابع: لأن النوم آفة، ويزيل العقلَ والقوةَ ويقهرهما، والله تعالى لا يجوز عليه ذلك.


(١) انظر "كنز الدرر" ١/ ١٦.
(٢) هو أحمد بن محمَّد بن إبراهيم، الثعلبي النيسابوري المفسر، من تصانيفه: "التفسير الكبير" و"عرائس المجالس" (ت ٤٢٧ هـ). انظر ترجمته في "وفيات الأعيان" ١/ ٧٩.
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٣/ ٨، وأبو يعلى في "مسنده" (٦٦٦٩)، والخطيب في "تاريخ بغداد" ١/ ٢٦٨، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (٢٢، ٢٣) من طريق أمية بن شبل، عن الحكم بن أبيان عن عكرمة، عن أبي هريرة عن النبي . وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" ١/ ٨٣ وقال: وفيه أمية بن شبل، ذكره الذهبي في "الميزان" ولم يذكر أن أحدًا ضعفه، وإنما ذكر له هذا الحديث وضعفه به.
وقال ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٣٠٨: وهذا حديث غريب جدًّا، والأظهر أنه إسرائيلي لا مرفوع، والله أعلم. وقال الخطيب: هكذا رواه أمية بن شبل عن الحكم بن أبيان موصولًا لا مرفوعًا، وخالفه معمر بن راشد فرواه عن الحكم عن عكرمة قوله.
وأخرجه الخطيب ١/ ٢٦٨ من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الحكم، عن عكرمة، موقوفًا عليه. وقال ابن الجوزي في "العلل" ١/ ٤١: ولا يثبت هذا الحديث عن رسول الله وغلط من رفعه والظاهر أن عكرمة رأى هذا في كتب اليهود فرواه، فما يزال عكرمة يذكر عنهم أشياء.