للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر من حسنها وجمالها أمرًا عجيبًا]، (١)، وقال: من يصبرُ عن مثل هذه، فقال: إنْ كان ولا بد، فعليك بلحم (٢) السبع [يُغْلَى منه رطلٌ سبعَ غليات] (٣) بخلِّ خمرٍ عتيق، فإذا جلستَ على شرابك تناول منه مقدارَ ثلاثة دراهم ثلاثَ ليال، فإنَّك تجدُ ما يغنيك، ولا تجاوز ما قلت لك، [فأخذ سَبُعًا وذبحَه، وتناول من لحمه على الوجه الذي ذكره ميخائيل، فأكثر منه على الشراب] (٤) فَسُقِيَ بطنُه، فأجمعَ الأطبَّاءُ على أنَّه لا دواءَ له إلا أن يسجَر تنورٌ بحطبِ الزيتون، ويسخَّنَ حتى يمتلئ جمرًا [فإذا امتلأ كُسِحَ] (٥) ما في جوفه، [ويلقى على ظهره، ويجعل تحته وفوقه الرطبة] ويقعد فيه ثلاث ساعات، فإذا استسقَى ماءً لم يُسْقَ، ثم يخرج [من التنور]، فإذا وجدَ الراحةَ أعادوه، ففعلوا [به] ذلك، فجعلَ يصيحُ ويستغيث، ويقول: أخرجوني فقد احترقت، اسقوني ماءً وقد وكَّلُوا به من يمنعهُ الماء، ولا يدعه أن يقوم من موضعه، فتنفَّطَ بدنه كلُّه، وصار فيه نفاخات أكبرُ من البطيخ، واشتد به الألمُ والوجع، فصاح: ردُّوني إلى التنُّور، وكان قد وجدَ خِفَّةً، فردُّوه، فصاح، وانفجرت النفاخات، وصاحَ أهله وجواريه، فما أُخرِجَ من التنور إلَّا [وقد صار] أسودَ مثل الفحمة، فما مضت عليه ساعةٌ حتى مات (٦).

ورَوَى الخطيبُ أنَّه لما احتُضِرَ جعلَ ينشد: [من البسيط]

الموتُ فيه جميعُ الخلقِ مُشترِكُ … لا سُوقةٌ منهم يبقَى ولا ملكُ

ما ضَرَّ أهلَ قليلٍ في تفاقرهم … وليس يُغني عن الأملاكِ ما مَلكُوا

قال: ثم أمر بالبُسُطِ فطويت، وألصقَ خدَّه بالأرض، وجعلَ يقول: يا من لا يزولُ ملكُه، ارحمْ من قد زال ملكُه (٧).


(١) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): ضمها إليه، في نهاية الجمال والحسن.
(٢) في (ب): بشحم.
(٣) في (خ) و (ف): يطلى منه رطل. والمثبت بين حاصرتين من (ب).
(٤) في (خ) و (ف): وتناول منه فأكثر. والمثبت بين حاصرتين من (ب).
(٥) في (خ) و (ف): ثم يكسح. والمثبت بين حاصرتين من (ب).
(٦) انظر الخبر بتمامه في المنتظم ١١/ ١٨٦ - ١٨٨.
(٧) تاريخ بغداد ١٦/ ٢٦ - ٢٧.