للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَبُّل (١)، قريةٍ تحتَ بغداد، وكانَ أبوه تاجرًا من تجَّار الكرخ المياسير، ويحثُّه على التجارة، فيأبى إلَّا الكتابة، وطلبَها فبرع فيها، ثم شخص إلى الحسن بن سهل، فمدحه فأعطاه عشرةَ آلاف درهم (٢)، ثمَّ اتصلَ بالمعتصمِ فرفَع قدرَه ووسَمه بالوزارة، ثم استوزَره الواثق (٣).

وكان أديبًا فاضلًا شاعرًا، عالمًا بالنحو واللغة، جوادًا ممدَّحًا، وله أشعارٌ حِسان، ومن بارع قول البحتريِّ يصفُ بلاغته: [من الخفيف]

بعضَ هذا العتاب والتفنيدِ … ليسَ ذمُّ الوفاءِ بالمحمودِ

في نظامٍ من البلاغة ما شـ … كَّ امرؤٌ أنَّه نظامُ فريدِ

ومعانٍ لو فصَّلَتْهَا القوافي … لهجَتْ (٤) شعرَ جَرْولٍ ولبيدِ

حُزْنَ مستعملَ الكلامِ اختيارًا … وتجنَّبنَ ظلمةَ التعقيدِ

وركبنَ اللفظَ القريبَ فأدركـ … ـــن به غايةَ المرام البعيدِ

وترى الخلق مجمعين [على فضـ … ــلك (٥)] مِنْ بين سيِّدٍ ومَسُودِ

عَرفَ العالمونَ فضلكَ [بالعلـ … ــم] (٦) وقال الجهَّالُ بالتقليدِ

صارمَ العزم حاضر (٧) [الحزم ساري (٨)] الـ … ــفكر ثبتَ المقام [صُلبَ (٩)] العودِ

دقَّ فهمًا وجلَّ علمًا فأرضَى اللـ … ــه] فينا والواثقَ بنَ الرَّشيدِ

لا يميلُ الهوى به حيثُ يُمْضِي الـ … أمرَ بين المَقْلِيِّ والمودودِ


(١) انظر معجم البلدان ٢/ ٤٥٥، والأغاني ٢٣/ ٤٦، ووفيات الأعيان ٥/ ٩٤، لكن وقع في النجوم الزاهرة ٢/ ٢٧١: جِيل، ثم قال: قلت: ومنها كان أصل الشيخ عبد القادر الكيلاني!.
(٢) الأغاني ٢٣/ ٤٦، والمنتظم ١١/ ١٩٨.
(٣) تاريخ بغداد ٣/ ٥٩٣.
(٤) في ديوان البحتري، وتاريخ بغداد ٣/ ٥٩٤، وتاريخ دمشق ٦٣/ ١٤٧ (طبعة مجمع اللغة): هَجَّنت. بدل: لهجت.
(٥) في (خ) و (ف) بياض، استدركته بين حاصرتين من المصادر.
(٦) في (خ) و (ف) بياض، استدركته بين حاصرتين من المصادر.
(٧) في (خ) و (ف): ظاهرًا. والمثبت من المصادر.
(٨) في (خ) و (ف) بياض، استدركته بين حاصرتين من المصادر.
(٩) ما بين حاصرتين من المصادر.